شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من قام لجنازة يهودي

          ░49▒ بَابُ: مَنْ قَامَ لِجَنَازَةِ يَهُودِيٍّ.
          فيهِ: جَابِرٌ قَالَ: (مَرَّتَ(1) بِنَا جَنَازَةٌ فَقَامَ لَهَا النَّبيُّ صلعم وَقُمْنَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ فقَالَ: إِذَا(2) رَأَيْتُمُ الجِنَازَةَ فَقُومُوا). [خ¦1311]
          وفيه: قَيْسُ بنُ سَعْدٍ وَسَهْلُ بنُ حُنَيْفٍ: (أنَّ النَّبيَّ ◙ مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ، فَقَامَ، فَقِيلَ: إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَالَ: أَلَيْسَتْ نَفْسًا). [خ¦1312] [خ¦1313]
          وكَانَ أَبُو مَسْعُودٍ وَقَيْسٌ يَقُومَانِ.
          قال الطَّحَاوِيُّ: قد ثبتَ نسخ هذه الآثار، وممَّا يبيِّن ذلك مَا حدَّثنا مُحَمَّد بن بَكْرٍ(3)، حدَّثنا أبو داودَ مُسَدَّدٌ(4)، حدَّثنا عبدُ الواحدِ بن زيادٍ، سَأَلْتُ الليث(5) بن أبي سُلَيْمٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن سَخْبَرةَ، قال: كنَّا قُعُودًا مَعَ عَلِيِّ بنِ أبي طَالِبٍ نَنْتَظِرُ جَنَازَةً، فَمَرَّتْ أُخْرَى فَقُمْنَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: ما هذا القيامُ؟ فقال أبو موسى: قالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: ((إِذَا رَأَيْتُمْ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ أوْ يَهُودِيٍّ أوْ نَصْرَانِيٍّ فَقُومُوا، فَإِنَّكُمْ لَسْتُمْ تَقُوْمُوْنَ لَهَا، إِنَّمَا تَقُوْمُوْنَ لِمَنْ مَعَهَا مِنَ المَلَائِكَةِ)) فقالَ عليٌّ: إِنَّما صَنَعَ ذلكَ رَسُولُ اللهِ صلعم مَرَّةً واحدةً، وكانَ(6) يتشبَّه بأهلِ الكتابِ في الشَّيء، فإذا نُهِيَ عنه تركه.
          فأخبر عليٌّ في هذا الحديثِ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم إنَّما كانَ يقومُ(7) على التَّشبُّهِ بأهلِ الكتابِ، وعلى الاقتداءِ(8) بمن كانَ قبلَهُ من الأنبياءِ ‰، حتَّى أُمِرَ بالقُعُود.
          وحدَّثنا فِهْرٌ، حدَّثنا مُحَمَّدُ بن(9) سَعِيدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، حدَّثنا شَرِيكٌ، عن عُثْمَانَ بن أبي زُرْعَةَ، عن زيدِ بنِ وَهْبٍ قال: تَذَاَكْرَنا القِيَامَ إلى الجنازةِ عندَ عليٍّ، فقالَ أبو سَعِيدٍ: قد كنَّا نقومُ, فقالَ عليٌّ: ذلكَ وأنتم يهودٌ. فمعنى / هذا أنَّهم كانوا يقومون على شريعتهم، ثمَّ نُسِخَ ذلك بشريعة الإسلام. وقد رُوِيَ أنَّ قيامه ◙ كان لمعنى آخر.
          أخبرنا إبراهيمُ بن مَرْزُوقٍ(10)، أخبرنا أبو عَاصِمٍ، عن ابن جُرَيْجٍ، قال: سمعت مُحَمَّد بن عليِّ بن عُمَر(11) يُحَدِّثُ عن الحَسَن وابن عبَّاسٍ، أو عن أحدهما أنَّ النَّبيَّ صلعم: مَرَّتْ بِهِ جنازةُ يهوديٍّ فقامَ فقالَ: ((آذَانِي نَتْنُ رِيْحِهِا)).
          وذكر الطَّبَرِيُّ عن الحَسَنِ بن عليٍّ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم إنَّما قامَ لجنازةِ يهوديٍّ(12) حينَ طَلَعَتْ عليه(13)، كراهية أن تعلو على رأسه.


[1] في (م): ((فيه جابر: مرَّ)).
[2] في (م): ((فإذا)).
[3] قوله: ((حدَّثنا محمَّد بن بكر)) ليس في (م).
[4] في (م): ((أحمد بن داود حدَّثنا مُسَدَّد)).
[5] في (م): ((ليث)) وليست في (ي) قوله: ((أبي)) زيادة من (م) و(ي).
[6] في (م): ((كان)).
[7] في (م): ((قام)). وبعدها في (م) و(ص): ((التَّشبيه)) والمثبت من (ي).
[8] في (م): ((وبالاقتداء)).
[9] في (ص): ((عن)) والمثبت من (م) و(ي). وبعدها في (م): ((سعيد ابن الأصيلي)).
[10] في (ص) و(ي): ((مورق)) وفي (م): ((مسروق)) والمثبت هو الصواب، وبعدها في (م): ((حدثنا)).
[11] كذا في نسخنا وفي المطبوع: ((محمَّد بن عمرو)) ولعله الصواب.
[12] في (م): ((الحسن بن عليٍّ إنَّما قام رَسُولُ اللهِ صلعم لجنازة اليهودي)).
[13] قوله: ((عليه)) ليس في (م).