شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف ومن كفن بغير قميص

          ░22▒ بَابُ: الكَفَنِ في القَمِيصِ الَّذي يُكَفُّ أَوْ لا يُكَفُّ.
          فيهِ: ابنُ عُمَرَ: (أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ أُبَيٍّ لَمَّا تُوُفِّيَ جَاءَ ابْنُهُ إلى النَّبيِّ صلعم فَقَالَ: أَعْطِنِي قَمِيْصَكَ أُكَفِّنْهُ فِيهِ، وَصَلِّ عَلَيْهِ، وَاسْتَغْفِرْ لَهُ، فَأَعْطَاهُ قَمِيْصَهُ، فَقَالَ: آذِنِّي أُصَلِّي عَلَيْهِ، فَآذَنَهُ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ(1)، جَذَبَهُ عُمَر ☺، فَقَالَ: أَلَيْسَ اللهُ نَهَاكَ(2) أَنْ تُصَلِّيَ على المُنَافِقِين؟ فَقَالَ: أَنَا بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ)(3) الحديثَ. [خ¦1269]
          وفيهِ: جابرٌ: (أَتَى النَّبيُّ صلعم عَبْدَ(4) اللهِ بنَ أُبيِّ بَعْدَمَا دُفِنَ، فَأَخْرَجَهُ(5) فَنَفَثَ(6) فِيهِ مِنْ رِيقِهِ، وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ). [خ¦1270]
          قال المُؤَلِّفُ(7): في هذين الحديثين دليلٌ على جواز الكَفَنِ في القميص على ما ذهب إليه أبو حَنِيْفَةَ، واحتَجَّ أصحابه بقصَّة عبدِ اللهِ بنِ أُبيٍّ هذه.
          وقال أصحاب مالكٍ: إنَّما دَفَعَ النَّبيُّ صلعم إليه القميص؛ لأنَّه كانت(8) لعبدِ اللهِ بنِ أُبيٍّ يدٌ عند النَّبيِّ صلعم(9)، وذلك أنَّ يوم بدر أُتِيَ بأسارى، وكان العبَّاس في جملتهم، ولم يكن عليه ثوبٌ، فنظر النَّبيُّ صلعم له(10) قميصًا، فوجدوا(11) قميص عبدِ اللهِ بنِ أُبيٍّ يقدر(12) عليه، فكساه النَّبيُّ صلعم إيَّاه، قال ابنُ عُيَيْنَةَ: فكافأه النَّبيُّ(13) صلعم بأن كَفَّنه في قميصه رجاء(14) أن يخفَّف عنه من عذابه ما دام ذلك القميص عليه، ورجاء أن يكون معتقدًا لبعض ما كان يظهر(15) من الإسلام فينفعه الله بذلك، ويدلُّ على ذلك أنَّ الله تعالى إنَّما أعلمه بأمره، ونهاه عن الصَّلاة عليه، وعلى غيره بعدما صَلَّى عليه، وأمَّا حين(16) صَلَّى عليه لم يعلم حقيقة أمره ولا باطنه.
          قال المُهَلَّبُ(17): وقوله في التَّرجمة(18): (الكَفَنِ(19) في القَمِيصِ الَّذي يُكَفُّ أَوْ لا يُكَفُّ) إنَّما صوابه (يكفي)(20) بإثبات الياء، ومعناه طويلًا كان ذلك(21) القميص أو قصيرًا، فإنَّه يجوز الكَفَنُ فيه، وكان عبدُ اللهِ بنُ أُبيٍّ طويلًا؛ ولذلك كسا العبَّاسَ قميصه، وكان العبَّاس بائن الطُّول.


[1] قوله: ((عليه)) ليس في (م).
[2] في (م): ((أليس نهاك الله)).
[3] قوله: ((فقال أنا بين الخيرتين)) ليس في (م).
[4] في (م): ((بعبد)).
[5] في (ص): ((فأخبره)).
[6] زاد في (م): ((في)).
[7] قوله: ((قال المؤلِّف)) ليس في (م).
[8] في (ي): ((كان)).
[9] قوله: ((وقال أصحاب مالكٍ: إنَّما دفع النَّبيُّ ◙ إليه القميص؛ لأنَّه كانت لعبد الله بن أبي يدٌ عند النَّبيِّ صلعم)) ليس في (م). وبدله قوله: ((وذكر البخاري في كتاب الجهاد في باب الكسوة للأسارى أنَّ النَّبيَّ صلعم إنَّما كسا عبد الله بن أُبَيٍّ قميصه لأنَّ عبد الله بن أبي كانت له يدٌ عند النَّبيِّ ◙)).
[10] قوله: ((له)) ليس في (م).
[11] زاد في (ص): ((قميص)).
[12] في (ص): ((فقدر)).
[13] في (ص): ((الرسول)).
[14] في (م) و(ص): ((وأراد)).
[15] في المطبوع و(ص): ((يظهره)).
[16] في (م): ((صلَّى عليه فإذ)).
[17] في (م): ((ابن المنذر)).
[18] زاد في (م): ((بأنَّ)).
[19] قوله: ((الكفن)) ليس في (ص).
[20] زاد في (م): ((أو لا يكفي)).
[21] قوله: ((ذلك)) ليس في (م).