شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب ما ينهى من سب الأموات

          ░97▒ باب: مَا يُنهى عنه من سبِّ الأموات.
          فيه: عَائِشَةُ قالت(1): قَالَ النَّبيُّ صلعم: (لا تَسُبُّوا الأمْوَاتَ؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إلى مَا قَدَّمُوا). [خ¦1393]
          قال المؤلِّف(2): هذا الحديث مثل قوله عائشة: ((كفُّوا عن ذي قبر)).
          قال بعض العلماء: معناه مِن أهل الإيمان، وقد ذكرت عائشة ♦ في هذا الحديث(3) علَّة الإمساك عن ذي قبر، وهو قولها(4): ((فإنَّهم قد أفضوا إلى ما قدَّموا))، يعني إلى ما عملوه من حسن أو قبيح، وقد أحصاه(5) الله ونسوه، وقد يختم(6) الله لأهل المعاصي من المؤمنين بخاتمة حسنة تخفى على(7) النَّاس، فمن سبَّهم فقد أثم، وقد جاء أنَّه لا يجب القطع على أحد بجنَّة ولا نار، وقد قال(8) ◙ في الميِّت الذي شهد له بالجنَّة: ((والله ما أدري وأنا رسول الله ما يُفعل بي(9))). فلهذا وجب الإمساك عن الموتى، والله أعلم.
          قال عبد الواحد: إن(10) قيل: قد ذكر الله تعالى فلتات خطايا الأنبياء في كتابه وهم أموات، وجعلها قرآنًا(11) يُتلى. قيل: لا معارضة لك بذلك؛ لأنَّ الله تعالى إنَّما ذكر خطاياهم موعظة لخلقه، ليُري المذنبين(12) أنَّه قد عاتب أنبياءه وأصفياءه على الفلتة من الذُّنوب، ليحذر النَّاس المعاصي وليعلموا أنَّهم أحقُّ بالعقاب من الأنبياء ليزدجروا(13)، وأيضًا فإنَّ لوم(14) تلك الذُّنوب قد سقط عن الأنبياء بإعلام الله لنا في كتابه بتوبتهم منها، وغفرانه إيَّاها لهم، وأيضًا فإنَّه تعالى جعل عقابهم على(15) تلك الفلتات في الدُّنيا رحمة لهم، ليلقوه مطهَّرين من تلك(16) الذُّنوب، وموتانا بخلاف ذلك لا(17) نعلم ما أفضوا إليه، فلذلك نُهينا عن ذكرهم بذنوبهم، وقد تقدَّم في باب ثناء النَّاس على الميِّت إشباع القول فيمن يجب ذكره(18) بذنبه، ومن يجب الإمساك عنه، [خ¦1367] وبالله التوفيق.


[1] قوله: ((قالت)) ليس في (م).
[2] قوله: ((قال المؤلف)) ليس في (م). وبعدها فيها: ((مثل قوله ◙)).
[3] في (م): ((في حديثها)).
[4] في (م): ((وهو قوله ◙)).
[5] في (ك): ((وأحصاه)).
[6] في (ص): ((ختم)) والمثبت من (م).
[7] في (م): ((على)).
[8] زاد في (م): ((النبي)).
[9] في (م): ((به)).
[10] قوله: ((قال عبد الواحد)) ليس في (م) وفيها بعدها: ((فإن)).
[11] في (ص): ((قراءة)) والمثبت من (م) وبعدها في (م): ((قيل له)).
[12] في (م): ((ليرى المؤمنون)).
[13] في (م): ((فيزدجروا)).
[14] قوله: ((لوم)) ليس في (م).
[15] في (م): ((عن)).
[16] قوله: ((تلك)) ليس في (م).
[17] في (م): ((ولا)).
[18] في (م): ((بذكره)).