-
فاتحة الكتاب
-
سند نسخة الحافظ اليونيني رحمه الله
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
كتاب مواقيت الصلاة
-
كتاب الأذان
-
كتاب الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
كتاب العيدين
-
باب ما جاء في الوتر
-
باب الاستسقاء
-
كتاب الكسوف
-
أبواب سجود القرآن
-
أبواب تقصير الصلاة
-
أبواب التهجد
-
أبواب التطوع
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
أبواب العمل في الصلاة
-
باب ما جاء في السهو
-
باب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
باب فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
حديث: كان الفضل رديف رسول الله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب ميقات أهل المدينة ولا يهلوا قبل ذى الحليفة
-
باب مهل أهل الشام
-
باب مهل أهل نجد
-
باب مهل من كان دون المواقيت
-
باب مهل أهل اليمن
-
باب: ذات عرق لأهل العراق
-
باب الصلاة بذي الحليفة
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي: العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل
-
باب من أهل ملبدًا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء؟
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
حديث: وما طفت ليالي قدمنا مكة؟
-
حديث: خرجنا مع رسول الله عام حجة الوداع
-
حديث: شهدت عثمان وعليًا وعثمان ينهى عن المتعة
-
حديث: كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض
-
حديث: قدمت على النبي فأمره بالحل
-
حديث: إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر
-
حديث: سنة النبي فقال لي أقم عندي
-
حديث: أحلوا من إحرامكم بطواف البيت وبين الصفا والمروة
-
حديث: اختلف علي وعثمان وهما بعسفان في المتعة
-
حديث: وما طفت ليالي قدمنا مكة؟
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب التمتع
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب: من أين يخرج من مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كان بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: إذا رأى سيرًا أو شيئًا يكره في الطواف قطعه
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبًا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على وضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟
-
باب الصلاة بمنى
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة بعرفة
-
باب التعجيل إلى الموقف
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب من يصلي الفجر بجمع
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من قلد القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب نحر البدن قائمة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا
-
باب يتصدق بجلود الهدي
-
باب: يتصدق بجلال البدن
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب من رمى جمرة العقبة فجعل البيت عن يساره
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند الجمرتين الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
حديث: كان الفضل رديف رسول الله
-
باب العمرة
-
باب المحصر
-
باب جزاء الصيد
-
باب حرم المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارة
-
الحوالات
-
باب الكفالة في القرض والديون
-
كتاب الوكالة
-
ما جاء في الحرث
-
كتاب المساقاة
-
كتاب الاستقراض
-
في الخصومات
-
كتاب في اللقطة
-
كتاب في المظالم
-
باب الشركة
-
كتاب في الرهن
-
في العتق وفضله
-
في المكاتب
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
باب فرض الخمس
-
باب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب أحاديث الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الأنصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب المرضى و الطب
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
كتاب الرقاق
-
كتاب القدر
-
كتاب الأيمان
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
باب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
باب ما جاء في إِجازة خبر الواحد الصدوق
-
كتاب الاعتصام
-
كتاب التوحيد
1566- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) بن أبي أويسٍ الأصبحيُّ المدنيُّ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (مَالِكٌ) الإمام قال المؤلِّف أيضًا: «ح»(1): (وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ (قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ) الإمام(2) (عَنْ نَافِعٍ) مولى ابن عمر (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) بن الخطَّاب (عَنْ حَفْصَةَ ♥ زَوْجِ النَّبِيِّ صلعم أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا) من الحجِّ (بِعُمْرَةٍ) أي: بعملها لأنَّهم فسخوا الحجَّ إلى العمرة، فكان إحرامهم بالعمرة سببًا لسرعة حلِّهم (وَلَمْ تَحْلِلْ) بفتح أوَّله وكسر ثالثه (أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ؟) أي: المضمومة إلى الحجِّ، فيكون قارنًا كما هو في أكثر الأحاديث، وحينئذٍ‼ فلا تمسُّك به لمن قال: إنَّه ╕ كان متمتِّعًا لكونه ╕ أقرَّ على أنَّه كان محرمًا بعمرةٍ؛ لأنَّ اللَّفظ محتملٌ للتَّمتُّع والقران، فتعيَّن بقوله ╕ في رواية عبيد الله بن عمر عند الشَّيخين [خ¦1697]: «حتَّى أحلَّ من الحجِّ» أنَّه كان قارنًا، ولا يتَّجه القول بأنَّه كان متمتِّعًا لأنَّه لا جائز أن يُقال: إنَّه استمرَّ على العمرة خاصَّةً، ولم يحرم بالحجِّ أصلًا لأنَّه يلزم منه أنَّه لم يحجَّ تلك السَّنة، وهذا لا يقوله أحدٌ، وقد روى عنه صلعم أنَّه كان قارنًا: سعيدُ بن المُسيَّب كما في «البخاريِّ»، وأنسٌ في «الصَّحيحين»، وعمرانُ بن حُصَينٍ في «مسلمٍ»، وعمرُ بن الخطَّاب في «البخاريِّ»، والبراءُ في «سنن» أبي داود، وعليٌّ في «سنن النَّسائيِّ»، وسراقةُ وأبو طلحة عند أحمد، وأبو سعيدٍ وقتادة عند الدَّارقطنيِّ، وابنُ أبي أوفى عند البزَّار، والإفراد، أي: وروى الإفراد(3): ابنُ عمر وجابرٌ في «الصَّحيحين»، وابنُ عبَّاسٍ في «مسلمٍ»، وجُمِع بين القولين بأنَّه صلعم كان أوَّلًا مفردًا، ثمَّ أحرم بالعمرة بعد ذلك وأدخلها على الحجِّ، فعمدة رواة الإفراد أوَّل الإحرام، وعمدة رواة القران آخره، وأمَّا من روى أنَّه كان معتمرًا كابن عمر وعائشة وأبي موسى الأشعريِّ وابن عبَّاسٍ في «الصَّحيحين» وعمران بن حُصَينٍ في «مسلمٍ» فأراد التَّمتُّع اللُّغويَّ؛ وهو الانتفاع، وقد انتفع بالاكتفاء بفعلٍ واحدٍ، ويؤيِّد ذلك(4) أنَّه لم يعتمر في تلك السَّنة عمرةً منفردةً، ولو جعلت حجَّته منفردة لكان غير معتمرٍ في تلك السَّنة، ولم يقل أحدٌ أنَّ الحج وحده أفضل من القران، وبهذا الجمع تنتظم الأحاديث، وقال إمامنا الشَّافعيُّ ☼ (5) في «كتاب اختلاف / الحديث»: معلومٌ في لغة العرب جواز إضافة الفعل إلى الآمر به كجواز إضافته إلى الفاعل؛ كقولك: بنى فلان دارًا إذا أمر ببنائها، وضرب الأمير فلانًا إذا أمر بضربه، ورجم النَّبيُّ صلعم ماعزًا وقطع سارقَ رداءِ صفوان، وإنَّما أمر بذلك، ومثلُه كثيرٌ في الكلام. وكان أصحاب رسول الله صلعم منهم القارن والمُفرِد والمُتمتِّع، وكلٌّ منهم يأخذ عنه أمر نسكه ويصدر عن فعله، فجاز أن تُضاف إلى رسول الله صلعم على معنى أنَّه أمر بها وأذن فيها. انتهى.
وقد أجمع العلماء كما قال النَّوويُّ وغيره: على جواز الأنواع الثَّلاثة: الإفراد والتَّمتُّع والقران، واختلفوا في أيِّها أفضل(6) بحسب اختلافهم فيما فعله ╕ في حجَّة الوداع، ومذهب الشَّافعيَّة والمالكيَّة أنَّ الإفراد أفضل لأنَّه صلعم اختاره أوَّلًا، ولأنَّ رواته أخصُّ به صلعم في هذه الحجَّة، فإنَّ منهم جابرًا وهو أحسنهم سياقًا لحجِّه ╕ ، ومنهم ابن عمر، وقد قال: كنت تحت ناقته ╕ ‼ يمسُّني لعابها أسمعه يلبِّي بالحجِّ، وعائشة وقربها منه ╕ واطِّلاعها على باطن أمره وعلانيته، كلُّه معروفٌ مع فقهها، وابن عبَّاسٍ وهو بالمحلِّ المعروف من الفقه والفهم الثَّاقب، ولأنَّ الخلفاء الرَّاشدين بعد النَّبيِّ صلعم أفردوا الحجَّ وواظبوا عليه، وما وقع من الاختلاف عن عليٍّ وغيره، فإنَّما فعلوه لبيان الجواز، وإنَّما أدخل النَّبيُّ صلعم العمرة على الحجِّ لبيان جواز(7) الاعتمار في أشهر الحجِّ، ثمَّ إنَّ الأفضل بعد الإفراد التَّمتُّع ثمَّ القِران. نعم القران أفضل من الإفراد للذي لا يعتمر في سنته عندنا، لكن صرَّح القاضي حسينٌ والمتولِّي بترجيح الإفراد ولو لم يعتمر في تلك السَّنة، وقال أحمد وآخرون: أفضلها التَّمتُّع ثمَّ الإفراد ثمَّ القران، واحتجَّ لترجيح التَّمتُّع بأنَّه ╕ تمنَّاه بقوله: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، ولجعلتها عمرةً» [خ¦1651] وأجاب الشَّافعيَّة عن ذلك بأنَّ سببه أنَّ من لم يكن معه هديٌ أُمِروا بجعلها عمرةً، فحصل لهم حزنٌ حيث لم يكن معهم هديٌ، فيوافقون النَّبيَّ صلعم في البقاء على الإحرام، فتأسَّف ╕ (8) حينئذٍ على فوات موافقتهم تطييبًا لنفوسهم ورغبةً فيما فيه موافقتهم(9)، لا أنَّ التَّمتُّع دائمًا أفضل، قال القاضي حسينٌ: ولأنَّ ظاهر هذا الحديث غير مرادٍ بالإجماع لأنَّ ظاهره أنَّ سوق الهدي يمنع انعقاد العمرة، وقد انعقد الإجماع على خلافه، وقال أبو حنيفة: القِران ثمَّ التَّمتُّع ثمَّ الإفراد، واحتجَّ لترجيح القِران بما سبق من الأحاديث، وبقوله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ}[البقرة:196] وقالوا: إنَّ الدَّم الذي على القارن ليس دم جبرانٍ، بل هو(10) دم عبادةٍ، والعبادة المتعلِّقة بالبدن والمال أفضل من المختصَّة بالبدن، وأجاب أصحابنا عن أحاديث القران بأنَّها مُؤوَّلةٌ، وبأنَّ أحاديث الإفراد أكثر وأرجح، وعن الآية الكريمة بأنَّه ليس فيها إلَّا الأمر بإتمامها، ولا يلزم منه قرنهما في الفعل، فهو كقوله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ}[البقرة:43] وبأنَّ الدَّم الذي على القارن دم جبرانٍ لا نسكٍ لأنَّ الصِّيام يقوم مقامه عند العجز، ولو كان دم نسكٍ لم يقم مقامه كالأضحية، وعن(11) أحمد فيما حكاه المروزيُّ عنه: إن ساق الهدي فالقران أفضل، وإن لم يسقه فالتَّمتُّع أفضل، وعن بعضهم فيما حكاه عياضٌ: أنَّ الأنواع الثَّلاثة سواءٌ في الفضيلة.
تنبيهٌ: قوله: «حلُّوا بعمرةٍ ولم تحلل أنت من عمرتك» رواه المؤلِّف كذلك بزيادة قوله: «بعمرةٍ» عن إسماعيل بن أبي أويسٍ وعبد الله بن يوسف عن مالكٍ، وكذا رواه ابن وهبٍ فيما ذكره ابن عبد البرِّ، ورواه بدونها القعنبيُّ ويحيى ابن بُكَيرٍ وأبو مصعبٍ ويحيى بن يحيى وغيرهم، والمعنى واحدٌ عند أهل العلم، ولم تختلف الرُّواة عن مالكٍ في قوله: «ولم تحلل أنت من عمرتك»، وأمَّا قول الأَصيليِّ: إنَّه لم يقل أحدٌ في هذا الحديث عن نافع‼: «ولم تحلل أنت من عمرتك»(12) إلَّا مالكٌ وحده، فتُعقِّب بأنَّه رواها(13) غير مالكٍ: عبيدُ الله بن عمر فيما رواه مسلمٌ وابن ماجه، وكذا رواها أيُّوب السَّختيانيُّ، وهؤلاء هم حفَّاظ(14) أصحاب نافعٍ، والحجَّة فيه على من خالفهم، فزيادة مالكٍ مقبولةٌ لحفظه وإتقانه لو انفرد بها، فكيف / وقد تابعه من ذكرنا، نعم رواها البخاريُّ من رواية عبيد الله بن عمر بدون قولها: «من عمرتك»، ولفظ الشَّيخين فيها(15): «فلا أحلُّ حتَّى أَحِلَّ من الحجِّ» [خ¦1697] ورواه ابن جريجٍ عن نافعٍ فيما أخرجه مسلمٌ، فلم يقل: «من عمرتك»، وأخرج البخاريُّ مثلها من طريق موسى بن عقبة عن نافعٍ، وذكر البيهقيُّ رواية موسى بن عقبة، ثمَّ قال: وكذلك رواه شعيب بن أبي حمزة(16) عن نافعٍ ولم يذكرا فيه العمرة، وفيه: إشارةٌ إلى الاختلاف في ذكر هذه اللَّفظة، ففيه ميلٌ لقول(17) الأَصيليِّ (قَالَ) ╕ : (إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي) بفتح اللَّام والمُوحَّدة المُشدَّدة من التَّلبيد، وهو أن يجعل المحرم برأسه شيئًا من نحو الصَّمغ ليجتمع الشَّعر، ولا يدخل فيه قملٌ (وَقَلَّدْتُ هَدْيِي) هو تعليق شيءٍ في عنق الهدي ليُعلَم (فَلَا أَحِلُّ) من إحرامي (حَتَّى أَنْحَرَ) الهدي، وهذا قول أبي حنيفة وأحمد لأنَّه جعل العلَّة في بقائه على إحرامه الهدي، وأخبر أنَّه لا يحلُّ حتَّى ينحر، وأجاب الجمهور عنه بأنَّه ليس العلَّة في ذلك سوق الهدي، وإنَّما السَّبب فيه إدخال العمرة على الحجِّ، ويدلُّ له قوله في رواية عبيد الله بن عمر المذكورة: «حتَّى أحلَّ من الحجِّ» [خ¦1697] وعبَّر عن الإحرام بالحجِّ بسوق الهدي لأنَّه كان ملازمًا له(18) في تلك الحجَّة، فإنَّه قال لهم: «من كان معه الهدي؛ فليهلَّ بالحجِّ مع عمرته، ثمَّ لا يحلُّ حتَّى يحلَّ منهما جميعًا» [خ¦1556] ولمَّا كان ╕ قد أدخل العمرة على الحجِّ لم يفده الإحرام بالعمرة سرعة الإحلال لبقائه على الحجِّ، فشارك الصَّحابة في الإحرام بالعمرة، وفارقهم ببقائه على الحجِّ وفسخهم له، وليس التَّلبيد والتَّقليد من الحلِّ ولا من عدمه، وإنَّما هو لبيان أنَّه من أوَّل الأمر مستعدٌّ لدوام إحرامه حتَّى يبلغ الهدي محلَّه، والتَّلبيد مشعرٌ(19) بمدَّةٍ طويلةٍ.
وهذا الحديث أخرجه المؤلِّف أيضًا في «الحجِّ» [خ¦1725] و«اللِّباس» [خ¦5916] و«المغازي» [خ¦4398]، ومسلمٌ في «الحجِّ»، وكذا أبو داود والنَّسائيُّ وابن ماجه.
[1] «ح»: ليس في (د).
[2] قوله: «قال المؤلِّف أيضًا: ح... قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ الإمام» سقط من (ص) و(م).
[3] «أي: وروى الإفراد»: ليس في (ص) و(م).
[4] في (د): «هذا».
[5] في غير (ص) و(م): «☺».
[6] في (ص): «الأفضل».
[7] في (د): «الجواز».
[8] في (د): «النَّبيُّ صلعم ».
[9] قوله: «تطييبًا لنفوسهم، ورغبةً فيما فيه موافقتهم» سقط من (د).
[10] «هو»: ليس في (د).
[11] في (د): «عند».
[12] قوله: «وأمَّا قول الأَصيليِّ: إنَّه لم يقل أحدٌ في... ولم تحلل أنت من عمرتك» ليس في (م).
[13] في (ص): «رواه».
[14] في (د): «الحفَّاظ».
[15] «فيها»: ليس في (د).
[16] في (م): «جمرة»، وهو تصحيفٌ.
[17] في (د): «إلى قوله».
[18] «له»: ليس في (د).
[19] في (د): «يُشعِر».