إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}

          ░2▒ (بابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {يَأْتُوكَ رِجَالًا}) نُصِبَ على الحال من(1) الضَّمير الذي في {يَأْتُوكَ} وهو مجزومٌ، جواب قوله: {وَأَذِّن} أي: يأتوك مشاةً ({وَ}) ركبانًا ({وَعَلَى كُلِّ}) بعير ({ضَامِرٍ}) مهزولٍ أتعبه بُعدُ السَّفر فهزله، والضَّامر يُستعمَل بغير هاءٍ للمُذكَّر والمُؤنَّث ({يَأْتِينَ}) صفةٌ لـ {كُلِّ ضَامِرٍ} لأنَّه في معنى الجمع ({مِن كُلِّ فَجٍّ}) طريقٍ ({عَمِيقٍ}) بعيدٍ ({لِيَشْهَدُوا}) ليحضروا ({مَنَافِعَ لَهُمْ}[الحج:27-28]) دينيَّةً ودنيويَّةً، ونكَّرها لأنَّ المراد بها نوعٌ من المنافع مخصوصةٌ بهذه العبادة، وسبب نزول هذه الآية كما ذكره الطَّبريُّ من طريق عمر بن ذَرٍّ قال: قال مجاهدٌ: كانوا لا يركبون، فأنزل الله تعالى: {يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} فأمرهم بالزَّاد ورخَّص لهم‼ في الرُّكوب والمَتْجَر، ومن ثمَّ ذكر المؤلِّف هذه الآية هنا(2) مترجمًا بها لينبِّه على أنَّ اشتراط الرَّاحلة في وجوب الحجِّ لا ينافي جواز الحجِّ ماشيًا مع القدرة على الرَّاحلة وعدم القدرة لأنَّ الآية اشتملت على المشاة والرُّكبان، قال المؤلِّف مفسِّرًا لقوله تعالى في سورة نوحٍ: ({فِجَاجًا}[نوح:20]) جمع: فجٍّ، أي: (الطُّرُقُ الوَاسِعَةُ)(3) وهو الموافق لقول الفرَّاء وأبي عبيدٍ والأزهريِّ، وهو الذي ذكره البيضاويُّ وغيره من أئمَّة التَّفسير، وقال ثعلبٌ: ما انخفض من الطُّرق.


[1] في (د): «عن»، وهو تحريفٌ.
[2] «هنا»: مثبتٌ من (ب) و(س).
[3] في (د): «الطَّريق الواسع».