إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لولا حداثة قومك بالكفر لنقضت البيت ثم لبنيته

          1585- وبه قال: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ) بضمِّ العين وفتح المُوحَّدة لقب عبد الله القرشيُّ الهَبَّاريُّ الكوفيُّ، غلب عليه وهو من ولد هَبَّار بن الأسود قال: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ) حمَّاد بن أسامة (عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزُّبير بن العوَّام (عَنْ عَائِشَةَ ♦ ) قال الحافظ أبو الفضل بن حجرٍ: كذا رواه مسلمٌ من طريق أبي معاوية، والنَّسائيُّ من طريق عبدة بن سليمان، وأبو عَوانة من طريق عليِّ بن مسهرٍ، وأحمد عن عبد الله بن نُميرٍ، كلُّهم عن هشامٍ، وخالفهم القاسم بن معنٍ فرواه عن هشامٍ عن أبيه عن أخيه عبد الله بن الزُّبير عن عائشة، أخرجه أبو عَوانة، ورواية الجماعة أرجح، فإنَّ رواية عروة عن عائشة لهذا الحديث مشهورةٌ من غير وجهٍ، فسيأتي في الطَّريق الرَّابعة من رواية يزيد بن رومان عنه، وكذا لأبي عَوانة من طريق قتادة وأبي النَّضر، كلاهما عن عروة عن عائشة بغير واسطةٍ، ويحتمل أن يكون عروة حمل عن أخيه عن عائشة منه شيئًا زائدًا على روايته عنها كما وقع للأسود بن يزيد مع ابن الزُّبير فيما تقدَّم شرحه في «كتاب العلم» [خ¦126]. انتهى. (قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلعم : لَوْلَا حَدَاثَةُ قَوْمِكِ بِالكُفْرِ) بفتح الحاء والدَّال المهملتين ثمَّ المُثلَّثة بعد الألف (لَنَقَضْتُ البَيْتَ، ثُمَّ لَبَنَيْتُهُ عَلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ _ ◙ _ فَإِنَّ قُرَيْشًا اسْتَقْصَرَتْ بِنَاءَهُ) اقتصرت على هذا القدر لقصور النَّفقة عن تمامه، ثمَّ عطف المؤلِّف على قوله: «لبنيته» قولَه: (وَجَعَلْتُ لَهُ) بتاء المتكلِّم فاللَّامُ ساكنةٌ، وقال في «التَّنقيح» _كالقابسيِّ_: بفتح اللَّام وسكون التَّاء؛ يعني: فيكون مسندًا إلى ضمير المُؤنَّث، فالتَّاء ساكنةٌ لأنَّها تاء التَّأنيث اللَّاحقة للفعل، فيكون‼ «وجعلَتْ» معطوفًا على «استقصرتْ»، وهو وهمٌ، قال: ورُوِي / بإسكان اللَّام وضمِّ التَّاء. انتهى. وهذا الأخير هو الظَّاهر لِمَا سيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى (خَلْفًا) بسكون اللَّام بعد فتح الخاء المعجمة وآخره فاءٌ.
          (قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ) محمَّد بن خازمٍ بالخاء والزَّاي المعجمتين، ممَّا وصله مسلمٌ والنَّسائيُّ: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ) هو ابن عروة: (خَلْفًا؛ يَعْنِي: بَابًا) من خلفه يقابل(1) هذا الباب المُقدَّم حتَّى يدخلوا من المُقدَّم ويخرجوا من الذي خلفه، وعلى هذا التَّفسير يتعيَّن كون «جعلتُ» مسندًا إلى ضمير المتكلِّم وهو النَّبيُّ صلعم ، لا إلى ضميرٍ يعود إلى قريشٍ كما قاله الزَّركشيُّ على ما لا يخفى، والتَّفسير المذكور من قول هشامٍ كما بيَّنه أبو عَوانة من طريق عليِّ بن مسهرٍ عن هشامٍ قال: الخلف: الباب، ولم يقع في رواية مسلمٍ والنَّسائيِّ هذا التَّفسير، وأخرجه ابن خزيمة عن أبي كريبٍ عن أبي أسامة، وأدرج التَّفسير، ولفظه: «وجعلت له خلفًا» يعني: بابًا آخر من خلفٍ.


[1] في (د): «مقابل».