شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب السواك

          ░73▒ بَابُ: السِّوَاكِ.
          وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: (بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُوْنَةَ فَاسْتَنَّ رَسُولُ الله صلعم).
          فيهِ: أبو مُوسَى قَالَ: (أَتَيْتُ النَّبيَّ صلعم فَوَجَدْتُهُ يَسْتَنُّ بِسِوَاكٍ بِيَدِهِ، يَقُولُ: أُعْ أُعْ، وَالسِّوَاكُ فِي يده(1) كَأَنَّه يَتَهَوَّعُ). [خ¦244]
          وفيهِ: حُذَيْفَةُ: (كَانَ النَّبيُّ صلعم(2) إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوْصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ). [خ¦245]
          فيه: أنَّ السِّواك سُنَّةٌ مؤكَّدةٌ لمواظبته عليه باللَّيل، واللَّيل لا يُناجي فيه أحدًا(3) مِن النَّاس، وإنَّما ذلك لمناجاة الملائكة، وتلاوة(4) القرآن، وقد جاء في الحديث: ((طَيِّبُوا طُرُقَ(5) القُرْآنِ)) يعني بالسِّواك. وقد روى مالكٌ: عن أبي الزِّنَادِ عن الأَعْرَجِ عن أبي هريرةَ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قال(6): ((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بالسِّوَاكِ مَعْ كُلِّ وُضُوْءٍ))، وعن ابن شِهَابٍ عن حُمَيْدِ بن(7) عبدِ الرَّحمنِ عن أبي هريرةَ أنَّه قال: ((لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ(8) عَلَى أُمَّتِهِ لَأَمَرَهُمْ بالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوْءٍ))، وقالَ ابن عبَّاسٍ: ((مَا زَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم يَأْمُرُنَا بالسِّوَاكِ حتَّى ظَنَنْتُ(9) أَنَّهُ سَيَنْزِلُ عَلَيْهِ فيهِ))، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: ((كَانَ النَّبيُّ صلعم(10) إِذَا دَخَلَ عَلَيَّ أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ بالسِّوَاكِ))، وَقَاَل: ((السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ للفَمِ مَرْضَاةٌ للرَّبِّ)). والعلماء كلُّهم يندبون إليه، وليس بواجبٍ عندهم، ولو كان واجبًا عليهم(11) لأمرهم به، شَقَّ(12) عليهم(13) أو لم يَشُقَّ.
          وقوله: (يَشُوْصُ فَاهُ) قال ابن دُرَيْدٍ: الشَّوصُ: الاستياك من سُفْلٍ إلى عُلْوٍ، وبه سُمِّي هذا الدَّاء: الشَّوْصَة؛ لأنَّه ريحٌ يرفع(14) القلب عن موضعه.


[1] في (م): ((فمه)).
[2] في (ص): ((كان ◙)).
[3] في (م): ((لا يباشره فيه أحد)).
[4] في المطبوع و(ص): ((وتلاوته)).
[5] في (م): ((ظرف)).
[6] في (ص): ((عن أبي هريرة أنه قال)).
[7] في (ص): ((عن)).
[8] قوله: ((على أمَّتي لأمرتهم بالسِّواك مع كلِّ وضوءٍ)). وعن ابن شهابٍ عن حُمَيْدِ بن عبد الرَّحمن عن أبي هريرة أنَّه قال: ((لولا أن يَشُقَّ)) ليس في (م).
[9] في (م): ((ظننَّا)) وتحتمل في (ص).
[10] في (ص): ((كان ◙)).
[11] قوله: ((عليهم)) ليس في (م).
[12] في المطبوع و(ص): ((يشقَّ)).
[13] قوله: ((عليهم)) ليس في (م).
[14] في (م): ((لأنَّها ريح ترفع)).