شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الوضوء من غير حدث

          ░54▒ بَابُ: الوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ.
          فيهِ: أَنَسٌ: (كَانَ النَّبيُّ صلعم يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ، قُلْتُ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ قَالَ: يُجْزِئُ أَحَدَنَا الوُضُوءُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ). [خ¦214]
          وفيهِ: سُوَيْدُ بنُ النُّعْمَانِ: (أَنَّ النَّبيَّ صلعم صَلَّى العَصْرَ يوم خَيْبَرَ، ثمَّ صَلَّى المَغْرِبَ، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ). [خ¦215]
          فيه: أنَّ الوضوء مِن غير حَدَثٍ ليس بواجبٍ، وقد بيَّن ذلك أَنَسٌ(1) بقوله: (يُجْزِئُ أَحَدَنَا الوُضُوءُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ). وعليه الفقهاء والنَّاس، ويشهد لصِحَّة قول أَنَسٍ في ذلك صلاته ◙ يوم خَيْبَرَ العصر والمغرب بوضوء واحدٍ في حديث سُوَيْدٍ(2)، وإنَّما فعل ذلك ◙ ليُرِيَ أمَّته أنَّ ما يلتزمه صلعم في خاصَّته مِن الوضوء لكلِّ صلاة ليس بلازمٍ، وقد تقدَّم هذا المعنى في أوَّل كتاب الوضوء [خ¦209]، وقال بعض العُلماء(3): الوضوء عن(4) غير حَدَثٍ نورٌ على نورٍ. فمن أراد الاقتداء به ◙ في جميع ذلك(5) فمباحٌ(6)، و(7) كان(8) ابنُ عُمَرَ يلتزم اتِّباعه ◙ في جميع أفعاله، ويتوخَّى المواضع الَّتي صلَّى فيها فيصلِّي فيها حتَّى أنَّه كان يُدير ناقته في المواضع التي كان رَسُولُ الله صلعم يُدير ناقته فيها حُبًّا للاقتداء به ورغبةً في امتثال أفعاله صلعم.


[1] في (م): ((بين أنس ذلك)).
[2] قوله: ((في حديث سويد)) ليس في (م).
[3] في (م): ((أهل العلم)).
[4] في (م): ((على)).
[5] قوله: ((في جميع ذلك)) ليس في (م).
[6] زاد في (م): ((له)).
[7] زاد في (م): ((قد)).
[8] في (ص): ((فكان)).