شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب قراءة القرآن بعد الحدث وغيره

          ░36▒ باب قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بَعْدَ الْحَدَثِ وَغَيْرِهِ.
          قَالَ(1) إِبْرَاهِيمُ: لا بَأْسَ بِالْقِرَاءَةِ(2) في الْحَمَّامِ وَبِكَتْبِ الرِّسَالَةِ على غَيْرِ وُضُوءٍ، وَقَالَ إِبْرَاهِيم: إِنْ كَانَ عَلَيْهِمْ إِزَارٌ فَسَلِّمْ، وَإِلا فَلا تُسَلِّمْ.
          فيه: ابْن عَبَّاسٍ: (أَنَّهُ بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النبي ◙ _وَهِيَ خَالَتُهُ_ فَاضْطَجَعْتُ(3) في عَرْضِ الْوِسَادَةِ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلعم وَأَهْلُهُ في طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللهِ صلعم، حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ(4) اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ صلعم، فَجَلَسَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الآيَاتِ الْخَوَاتِيمَ(5) مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إلى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ(6)، فَتَوَضَّأَ مِنْهَا فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ(7)) وذكر باقي(8) الحديث. [خ¦183]
          في هذا الحديث من الفقه رد على من كره قراءة(9) القرآن على غير طهارة لمن لم يكن جنبًا، وهو الحجة الكافية في ذلك لأنه ◙ قرأ العشر الآيات من آخر(10) آل عِمْرَان بعد قيامه من نومه قبل وضوئه، وقد قال عُمَر بن الخطاب ☺ لأبي مريم الحنفي حين قال له: أتقرأ يا أمير المؤمنين على غير وضوء؟ فقال له عمر: من أفتاك بهذا أمسيلمة؟! وحسبك بعمر ☺(11) في جماعة الصحابة، وهم القدوة الذين أُمرنا باتباعهم، ومن الحجة لهذه المقالة أيضًا أن الله ╡(12) لم يوجب فرض الطهارة على عباده المؤمنين إلا إذا قاموا إلى الصلاة، وقد صح عنه صلعم أنه خرج من الخلاء فأُتي بطعام، فقيل له: ألا تتوضأ، فقال: ((أريد أن أصلي فأتوضأ؟)) فرأى ◙ تأخير الطهارة بعد الحدث إلى(13) إرادته الصلاة(14).
          وكره جمهور العلماء مس المصحف على غير وضوء، وأجازه الشَّعبي ومحمد بن سيرين(15)، واختلف العلماء في قراءة الجنب للقرآن، / فروي عن جماعة من السلف أنه ممنوع من ذلك، وأجاز ذلك آخرون، وسيأتي ذكر ذلك بعد هذا إن شاء الله تعالى(16)، واختلفوا في القراءة في الحمام فأجازه(17) النَّخَعِي ومالك، وكرهه أبو وائل والشَّعبي ومكحول والحسن.


[1] في (م): ((وقال)).
[2] في (م): ((بقراءة القرآن)).
[3] في (م): ((أنه بات عند خالته ميمونة قال: فاضطجعت)).
[4] قوله ((أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ)) ليس في (م).
[5] في (م) و (ص): ((الخواتم)).
[6] في (م): ((معلق)).
[7] قوله ((وأحسن وضوءه)) ليس في (م).
[8] قوله ((باقي)) ليس في (م).
[9] زاد في (م): ((أُمَّ)).
[10] قوله ((آخر)) ليس في (م).
[11] قوله: ((☺)) ليس في (ص).
[12] قوله: ((╡)) ليس في (ص).
[13] زاد في (م): ((حال)).
[14] في (م): ((للصلاة)).
[15] قوله ((وكره جمهور العلماء... ومحمد بن سيرين)) ليس في (م).
[16] قوله: ((تعالى)) ليس في (ص).
[17] في (م): ((فأجاز ذلك)).