شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب غسل الأعقاب

          ░29▒ باب غَسْلِ الأعْقَابِ.
          وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَغْسِلُ مَوْضِعَ الْخَاتمِ إِذَا تَوَضَّأَ(1).
          فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ أنه قَال للنَّاس وهم يَتَوَضَّؤونَ مِنَ الْمِطْهَرَةِ: أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ، فَإِنَّ أَبَا الْقَاسِمِ صلعم قَالَ: (وَيْلٌ لِلأعْقَابِ مِنَ النَّارِ). [خ¦165]
          قد تقدم القول في معنى(2) هذا الحديث في الباب الذي قبل هذا ونزيده بيانًا، وذلك أنه صلعم لما أمرهم بإسباغ الوضوء دل أن فرض الرِّجلين الغَسل لأنه لما قال: (وَيْلٌ لِلأعْقَابِ مِنَ النَّارِ) والأعقاب غير ممسوحة عند من يقول بالمسح كما لا تمسح(3) من الخفين كان دليلًا أن فرض الرجلين غيرُ المسح؛ لأنه لَمَّا قال لهم: أسبغوا الوضوء لِما تركوا من أرجلهم دل أن الأرجل تُوَضَّأُ ولا يكون ذلك إلا بالغسل، ولما أراد منهم عموم الرجلين حتى لا يبقى منها(4) لُمْعَة كان ذلك دليلًا على الغَسل لا على المسح قاله الطحاوي ☼، واختلفوا في تحريك الخاتم في الوضوء فمِمَّن(5) روي عنه تحريكه علي بن أبي طالب وعبد الله بن عَمْرو بن العاص وهو قول ابن(6) سيرين والحسن وعروة وميمون بن مِهْرَان وحماد الكوفي وإليه ذهب أبو ثور، ورخص في ترك(7) تحريكه سالم وهو قول مالك والأوزاعي، وقال أحمد بن حنبل: إن كان ضيقًا يُجيله وإن كان سلِسًا يدعه وقاله عبد العزيز بن أبي سلمة.


[1] قوله: ((إذا توضأ)) ليس في (ص).
[2] قوله: ((معنى)) ليس في (م).
[3] في (ص): ((يُمسح)).
[4] في (م): ((منهما)).
[5] في (ز): ((فمن)) والمثبت من (ص).
[6] في (م): ((العاصي، وبه قال ابن)).
[7] قوله ((ترك)) ليس في (م) و (ص).