إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لتلبسها صاحبتها من جلبابه ولتشهد

          1652- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ) بميمٍ مضمومةٍ فهمزةٍ فميمٍ مُشددَّةٍ مفتوحتين(1) آخره لامٌ اليشكريُّ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) ابن عُلَيَّة (عَنْ أَيُّوبَ) السَّختيانيِّ (عَنْ حَفْصَةَ) بنت سيرين (قَالَتْ: كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا) نصب مفعول «نمنع»، والعواتق: جمع عاتقٍ؛ وهي التي لم تفارق بيت أهلها إلى زوجها لأنَّها عتقت عن آبائها في الخدمة والخروج إلى الحوائج، وقِيل غير ذلك ممَّا مرَّ في «باب شهود الحائض العيدين» [خ¦324] عند ذكر الحديث (أَنْ يَخْرُجْنَ) أي: من خروجهنَّ في العيدين(2) (فَقَدِمَتِ امْرَأَةٌ) لم تُسَمَّ (فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ) جدِّ طلحة الطَّلحات، وكان بالبصرة (فَحَدَّثَتْ: أَنْ أُخْتَهَا) هي أمُّ عطيَّة _فيما قِيلَ_ أو غيرها (كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ) لم يُسَمَّ (مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلعم ، قَدْ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً) قالت المرأة المحدِّثة: (وَكَانَتْ أُخْتِي مَعَهُ) أي: مع زوجها، أو مع النَّبيِّ صلعم ‼ (فِي سِتِّ غَزَوَاتٍ، قَالَتْ) أي: الأخت: (كُنَّا نُدَاوِي الكَلْمَى) بفتح الكاف وسكون اللَّام وفتح الميم: الجرحى (وَنَقُومُ عَلَى المَرْضَى، فَسَأَلَتْ أُخْتِي رَسُولَ اللهِ صلعم ، فَقَالَتْ: هَلْ عَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ) أي: إثمٌ (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَلَّا تَخْرُجَ) إلى مُصلَّى العيد؟ فَـ (قَالَ)(3) ╕ : (لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا) بكسر اللَّام وضمِّ الفوقيَّة وسكون اللَّام وكسر المُوحَّدة وجزم السِّين، والفاعل: «صاحبتُها» (مِنْ جِلْبَابِهَا) بكسر الجيم: خمارٌ واسعٌ كالملحفة تغطِّي به المرأة رأسها وصدرها، أي: لتعرْها جلبابًا لا تحتاج إليه (وَلْتَشْهَدِ الخَيْرَ) أي: مجالسه (وَدَعْوَةَ المُؤْمِنِينَ) وفي «باب شهود الحائض العيدين» [خ¦324]: و«دعوة المسلمين» (فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ) نُسَيبة ( ♦ ) البصرة (سَأَلْنَهَا) بنونٍ بعد اللَّام السَّاكنة(4)، ثمَّ هاءٍ من غير ألفٍ، أي: حفصة والنِّسوة معها (أَوْ قَالَتْ) حفصة: (سَأَلْنَاهَا) بألفٍ بعد النُّون، ولأبي الوقت: ”سألتُها“ ولأبي ذرٍّ: ”فقال“ بالتَّذكير، أي: قال أيُّوب عن حفصة: «سألناها» (فَقَالَتْ) ولأبي الوقت: ”قالت“ : (وَكَانَتْ لَا تَذْكُرُ رَسُولَ اللهِ صلعم إِلَّا) ولأبوي ذَرٍّ والوقت: ”أبدًا إِلَّا“ (قَالَتْ: بِأَبِي) بهمزةٍ بين مُوحَّدتين مكسورتين، أي: أفديه، وللكُشْمِيْهَنِيِّ: ”بأبَا“ بقلب التَّحتيَّة ألفًا فتُفتَح المُوحَّدة الأخيرة، وللمُستملي: ”بِيَبَا“ ؛ بإبدال الهمزة ياءً وقلب الياء المضافة إليها ألفًا (فَقُلْنَا) ولأبي ذَرٍّ(5): ”قلنا“ : (أَسَمِعْتِ رَسُولَ اللهِ صلعم يَقُولُ: كَذَا وَكَذَا؟) كنايةٌ عن الشَّيء، والكاف: حرف تشبيهٍ، و«ذا»: للإشارة، أي: ما ذُكِر / (قَالَتْ: نَعَمْ) سمعته (بِأَبِي) ولأبي ذرٍّ: ”بِيَبَا“ بإبدال الهمزة ياءً وقلب الياء(6) المضافة إليها ألفًا (فَقَالَ: لِتَخْرُجِ العَوَاتِقُ ذَوَاتُ) ولأبي ذرٍّ: ”وذوات“ (الخُدُورِ) بالخاء المعجمة والدَّال المهملة، أي: البيوت، صفةٌ لـ «العواتق» (أَوِ العَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الخُدُورِ) وسقط لأبي ذرٍّ «أو العواتق وذوات الخدور» (وَالحُيَّضُ) بتشديد الياء جمع حائضٍ، عُطِفَ على «العواتق» (فَيَشْهَدْنَ) ولأبي ذرٍّ: ”وليشهدن“ (الخَيْرَ، وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ، وَيَعْتَزِلُ الحُيَّضُ المُصَلَّى) وجوبًا (فَقُلْتُ: آلحَائِضُ؟!) بمدِّ الهمزة استفهامٌ تعجُّبيُّ من إخبارها بشهود(7) الحائض، وليس في «اليونينيَّة» مدٌّ على الهمزة(8) (فَقَالَتْ) أمُّ عطيَّة: (أَوَ لَيْسَ تَشْهَدُ) الحائض (عَرَفَةَ) أي: يومها (وَتَشْهَدُ كَذَا) نحو: المزدلفة ومنى ورمي الجمار (وَتَشْهَدُ كَذَا؟) كصلاة الاستسقاء.
          وموضع التَّرجمة منه قولها: «أوليس تشهد عرفة وتشهد كذا(9) وتشهد كذا؟» وهذا موافقٌ لقول جابرٍ: فنسكت المناسك كلَّها غير أنَّها لم تطف بالبيت، وكذا قولها: «يعتزل الحيَّض المُصلَّى» فإنَّه يناسب قوله: إنَّ الحائض لا تطوف بالبيت لأنَّها إذا أُمِرت باعتزال المُصلَّى كان اعتزالها للمسجد بل(10) للمسجد الحرام بل للكعبة من بابٍ أَولى، قاله في «الفتح».


[1] في (د): «مفتوحةٍ».
[2] في (د): «العيد».
[3] في (د): «وقال»، وكذا في الموضع اللَّاحق.
[4] «السَّاكنة»: ليس في (د).
[5] في (ص) و(م): «الوقت»، وكذا في «اليونينيَّة».
[6] «الياء»: ليس في (ص) و(م).
[7] في (د): «شهود».
[8] «و ليس في «اليونينيَّة» مدٌّ على الهمزة»: ليس في (م).
[9] «وتشهد كذا»: ليس في (م).
[10] «للمسجد بل»: ليس في (د).