إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

معلق أبان: أن النبي بعث معها أخاها عبد الرحمن فأعمرها

          1516- (وَقَالَ أَبَانُ) بن يزيد العطَّار البصريُّ ممَّا وصله أبو نُعيمٍ في «مُستخرَجه»، و«أَبَانُ» بفتح الهمزة وتخفيف المُوحَّدة آخره نونٌ مصروفٌ وغير مصروفٍ، وفي «المصابيح»: قال القرافيُّ: المحدِّثون والنُّحاة على عدم صرفه، قال: ونقله ابن يعيش في «شرح المُفصَّل» عن الجمهور، وقال: إنَّ وزنه «أفعل»، وأصله: أَبْيَن، صيغة مبالغةٍ في البيان الذي هو الظُّهور، فتقول: هذا أبين من هذا: أظهر‼ منه وأوضح، فلُوحِظ أصله مع العلميَّة(1) التي فيه فلم يُصرَف، هكذا في «شرح المنهاج الأصليِّ» للسُّبكيِّ في فصل(2) «الخصوص»، قال الدَّمامينيُّ: صرَّح ابن مالكٍ في «التَّوضيح» بأنَّه منقولٌ من «أبانَ» ماضي «يبينُ»، ولو لم يكن منقولًا لوجب أن يُقال فيه: أبين بالتَّصحيح، وهو كلامٌ متَّجهٌ يتقرَّر به الرَّدُّ على ما نقله القرافيُّ، وأقرَّه عليه السُّبكيُّ من كونه «أفعل» تفضيلٍ، فتأمَّله، قال: (حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ) هو ابن أبي بكرٍ الصِّدِّيق (عَنْ عَائِشَةَ ♦ : أَنَّ النَّبِيَّ صلعم بَعَثَ مَعَهَا أَخَاهَا) شقيقها (عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَأَعْمَرَهَا) حملها على العمرة حتَّى اعتمرت (مِنَ التَّنْعِيمِ) بفتح الفوقيَّة وسكون النُّون وكسر العين المهملة: موضعٌ عند طرف حرم(3) مكَّة من جهة المدينة على ثلاثة أميالٍ من مكَّة (وَحَمَلَهَا عَلَى) مُؤخَّر (قَتَبٍ) أي: أردفها وكان هو على قَتَبٍ لأنَّه قال في الرِّواية الموصولة آخر الباب [خ¦1518]: فأحقبها، أي: أردفها على الحقيبة، وهي الزِّيادة التي تُجعَل في مُؤخَّر القتب، فإنَّ القصَّة واحدةٌ، والقَتَب: بفتح المُثنَّاة الفوقيَّة، آخره مُوحَّدةٌ: هو خشب الرَّحل، وقِيلَ: القَتَب للجمل بمنزلة الإكاف للحمار.
          (وَقَالَ عُمَرُ) بن الخطَّاب ( ☺ ) فيما وصله عبد الرَّزَّاق وسعيد بن منصورٍ: (شُدُّوا الرِّحَالَ فِي الحَجِّ، فَإِنَّهُ أَحَدُ الجِهَادَيْنِ) إمَّا على جهة التَّغليب أو الحقيقة لأنَّه يجاهد نفسه بالصَّبر على مشقَّة السَّفر وترك الملاذ.


[1] في (د): «العلِّية»، وهو تحريفٌ.
[2] في (م): «فضل»، وهو تصحيفٌ.
[3] «حرم»: ليس في (ص).