إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: هل ترون قبلتي هاهنا والله ما يخفى علي ركوعكم

          741- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) بن أبي أويسٍ (قَالَ(1): حَدَّثَنِي) بالإفراد (مَالِكٌ) هو ابن أنسٍ، إمام دار الهجرة (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ)‼ عبد الله بن ذكوان (عَنِ الأَعْرَجِ) عبد الرَّحمن بن هُرْمُزٍ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: هَلْ تَرَوْنَ) بفتح التَّاء، والاستفهام إنكاريٌّ، أي: أتظنُّون (قِبْلَتِي) أي: مقابلتي ومواجهتي (هَهُنَا) فقط؟ (وَاللهِ مَا) ولأبي ذَرٍّ عن الحَمُّويي(2): ”لا“ (يَخْفَى عَلَيَّ رُكُوعُكُمْ وَلَا خُشُوعُكُمْ) تنبيهٌ لهم على التَّلبُّس بالخشوع في الصَّلاة لأنَّه إنَّما قال لهم ذلك لمَّا رآهم يلتفتون غير ساكنين، وذلك ينافي كمال الصَّلاة، فيكون مُستحَبًّا لا واجبًا؛ إذ لم يأمرهم هنا بالإعادة، وقد حكى النَّوويُّ الإجماع على عدم وجوبه، قال في «شرح التَّقريب»: وفيه نظرٌ، فقد روينا في «كتاب الزُّهد» لابن المبارك عن عمَّار بن ياسرٍ قال: لا يُكتَب للرَّجل من صلاته ما سها عنه، وفي كلام غير واحدٍ من العلماء ما يقتضي وجوبه. انتهى. والخشوع: الخوف أو السُّكون، أو هو معنًى يقوم بالنَّفس، يظهر عنه سكونٌ في الأطراف، يلائم مقصود العبادة. وفي «مُصنَّف ابن أبي شيبة» عن سعيد بن المُسيَّب: أنَّه رأى رجلًا يلعب بلحيته في الصَّلاة فقال: «لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه»، وقد تتحرَّك اليد مع وجود الخشوع، ففي «سنن البيهقيِّ» عن عمرو بن حُرَيْثٍ قال: «كان رسول الله صلعم ربَّما مسَّ لحيته وهو يصلِّي»، وهذا موضع التَّرجمة. (وَإِنِّي لأَرَاكُمْ) بفتح الهمزة، أي: أبصركم (وَرَاءَ ظَهْرِي) ولأبوي ذَرٍّ والوقت والأَصيليِّ: ”من وراء ظهري“ أي: ببصره المعهود إبصارًا انخرقت له فيه العادة، أو بغيره كما مرَّ.


[1] «قال»: ليس في (د).
[2] في (م): «للحَمُّويي»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».