إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب إنما جعل الإمام ليؤتم به

          ░51▒ هذا (بَابٌ) بالتَّنوين (إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ) أي: ليُقتدَى به في أفعال الصَّلاة بأن يتأخَّر ابتداء فعل المأموم عن ابتداء فعل الإمام، ويتقدَّم ابتداء فعل المأموم على فراغ الإمام، فلا يجوز له(1)‼ التَّقدُّم عليه ولا التَّخلُّف عنه، نعم يدخل في عموم قوله: «إنَّما جُعِل الإمام ليُؤْتمَّ به» [خ¦687] التَّخصيص كما أشار إليه المؤلِّف بقوله مُصدِّرًا به الباب، ممَّا وصله فيما سبق عن عائشة ♦ [خ¦688].
          (وَصَلَّى النَّبِيُّ صلعم فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّي فِيهِ بالنَّاس، وَهْوَ جَالِسٌ) أي: والنَّاس خلفه قيامًا، ولم يأمرهم بالجلوس، فدلَّ على دخول التَّخصيص في العموم السَّابق.
           (وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ) ☺ ممَّا وصله ابن أبي شيبة بإسنادٍ صحيحٍ بمعناه(2): (إِذَا رَفَعَ) المأموم رأسه من الرُّكوع أو السُّجود (قَبْلَ الإِمَامِ يَعُودُ فَيَمْكُثُ بِقَدْرِ مَا رَفَعَ ثُمَّ يَتْبَعُ الإِمَامَ) مذهب الشَّافعيِّ: إذا تقدَّم المأموم بفعلٍ كركوعٍ وسجودٍ، إن كان بركنين، وهو عامدٌ عالمٌ بالتَّحريم بطلت صلاته، وإلَّا فلا.
           (وَقَالَ الحَسَنُ) البصريُّ، فيما(3) وصله ابن المنذر في كتابه الكبير، ورواه سعيد بن منصورٍ عن هُشَيْمٍ عن يونس عنه بمعناه: (فِيمَنْ يَرْكَعُ مَعَ الإِمَامِ رَكْعَتَيْنِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ) لِزحامٍ ونحوه، والغالب كون ذلك يحصل في الجمعة (يَسْجُدُ لِلرَّكْعَةِ الآخِرَةِ) ولأبي ذَرٍّ وابن عساكر: ”الأخيرة“ (سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَقْضِي الرَّكْعَةَ الأُولَى بِسُجُودِهَا) إنَّما لم يقل: الثَّانية لاتِّصال الرُّكوع الثَّاني به، وهذا وجهٌ(4) عند الشَّافعية، والأصحُّ: أنَّه يُحسَب ركوعه الأوَّل لأنَّه أتى به وقت الاعتداد بالرُّكوع، والثَّاني _أي: الرُّكوع(5)_ للمتابعة، فركعته مُلفَّقةٌ من ركوع الأولى وسجود الثَّانية الَّذي أتى(6) به، ويدرك بها الجمعة في الأصحِّ (وَ) قال الحسن البصريُّ(7) أيضًا ممَّا وصله(8) ابن أبي شيبة بمعناه(9): (فِيمَنْ نَسِيَ سَجْدَةً حَتَّى قَامَ: يَسْجُدُ) أي: يطرح / القيام الَّذي فعله على غير نظم الصَّلاة، ويجعل وجوده كالعدم.


[1] «له»: ليس في (د).
[2] في (د) و(م): «معناه».
[3] في (ب) و(س): «ممَّا».
[4] في (ب): «أوجه».
[5] «أي: الرُّكوع»: مثبتٌ من (ص).
[6] في غير (ص) و(م): «يأتي».
[7] «البصريُّ»: مثبتٌ من (م).
[8] في (م): «وصل».
[9] في (م): «معناه».