إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء

          671- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابن مسرهدٍ (قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى) بن سعيدٍ القطَّان (عَنْ هِشَامٍ) هو ابن عروة (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (أَبِي) عروةُ بنُ الزُّبير (قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ) ♦ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم أَنَّهُ قَالَ) له: (إِذَا وُضِعَ العَشَاءُ) أي: عشاء مريد الصَّلاة، وللمؤلِّف في «الأطعمة» [خ¦5465]: «إذا حضر» وهو أعمُّ من الوضع، فيُحمَل قوله: «حضر» أي: بين يديه لتأْتلف الرِّوايتان(1)؛ لاتِّحاد المخرج (وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ؛ فَابْدَؤُوا) ندبًا (بِالعَشَاءِ) إذا وسع الوقت واشتدَّ التَّوقان إلى الأكل. واستُنبِط منه كراهة(2) الصَّلاة حينئذٍ لِمَا فيه من اشتغال القلب عن الخشوع المقصود من الصَّلاة إلَّا أن يكون الطَّعام ممَّا يُؤتَى عليه مرَّةً واحدةً كالسَّويق واللَّبن، ولو ضاق الوقت بحيث لو أكل خرج يبدأ بها، ولا يؤخِّرها محافظةً على حرمة الوقت، ويُستحَبُّ إعادتها عند الجمهور، وهذا مذهب الشَّافعيِّ وأحمد، وعند المالكيَّة يبدأ بالصَّلاة إن لم يكن مُعلَّق النَّفس بالأكل، أو كان متعلِّقًا به لكنَّه لا يعجِّله عن صلاته، فإن كان يعجِّله بدأ هنا بالطعام، و(3)استحبَّ له الإعادة، والمراد بالصَّلاة هنا(4) المغرب لقوله في الحديث التَّالي [خ¦672]: «فابدؤوا به قبل أن تصلُّوا صلاة المغرب» لكن ذكر المغرب لا يقتضي الحصر فيها، فحملُه على العموم أَوْلى نظرًا إلى العلَّة، وهي(5) التَّشويش المفضي إلى ترك الخشوع إلحاقًا للجائع بالصَّائم، وللغداء بالعشاء، لا بالنَّظر إلى اللَّفظ الوارد.


[1] في (م): «الرِّوايات».
[2] في (ص): «كراهية».
[3] زيد في (م): «إلَّا».
[4] «هنا»: ليس في (د).
[5] في (ص): «هو».