إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كان إذا اعتكف المؤذن للصبح وبدا الصبح صلى ركعتين

          618- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ (قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ) إمام دار الهجرة (عَنْ نَافِعٍ) مولى ابن عمر (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ) بن الخطَّاب ☻ (قَالَ: أَخْبَرَتْنِي حَفْصَةُ) أمُّ المؤمنين (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم كَانَ إِذَا اعْتَكَفَ المُؤَذِّنُ لِلصُّبْحِ) أي: جلس ينتظر الصُّبح لكي يؤذِّن، أو انتصب قائمًا للأذان، كأنَّه من ملازمة مراقبة الفجر، وهذه رواية الأَصيليِّ والقابسيِّ وأبي ذَرٍّ فيما نُقِل عن ابن قُرْقُول، وهي الَّتي نقلها جمهور رواة البخاريِّ عنه، ورواية عبد الله بن يوسف عن مالكٍ أيضًا خلافًا لسائر رواة «المُوطَّأ» حيث روَوْه بلفظ: «كان إذا سكت المؤذِّن من الأذان لصلاة الصُّبح»، قال الحافظ ابن حجرٍ: وهو الصَّواب، ولأبي الوقت والأَصيليِّ: ”إذا اعتكف وأذَّن“ بواو العطف على سابقه، والضَّمير هنا في «اعتكف» عائدٌ على النَّبيِّ صلعم ، واستُشكِل لأنَّه(1) يلزم منه أن يكون صُنْعُه(2) لذلك مختصًّا بحال اعتكافه، وليس كذلك، وأُجيب بمنع الملازمة لاحتمال أنَّ حفصة راوية الحديث شاهدته ╕ في ذلك الوقت معتكفًا، ولا يلزم منه مداومته، ولابن عساكر: ”إذا اعتكف أذَّن“ بإسقاط الواو، ولأبي ذَرٍّ _وعزاها العينيُّ كابن حجرٍ للهَمْدانيِّ_: ”كان إذا أذَّن المؤذِّن“ بدل قوله: «اعتكف» (وَبَدَا) بالمُوحَّدة، من غير همزٍ، أي: ظهر (الصُّبْحُ) والواو للحال (صَلَّى) ╕ (رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ) سنَّة الصُّبح (قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ) بضمِّ المُثنَّاة الفوقيَّة من «تُقام» أي: قبل قيام صلاة فرض الصُّبح، وجواب «إذا» قوله: «صلَّى ركعتين».
          ورواة هذا الحديث الخمسة مدنيُّون إِلَّا عبد الله بن يوسف، وفيه: التَّحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه مسلمٌ والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ وابن ماجه.


[1] في (د): «بأنَّه».
[2] في (د): «صنيعه».