إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن ابن عمر كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات

          1752- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ) بن أبي أويسٍ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (أَخِي) عبد الحميد بن عبد الله (عَنْ سُلَيْمَانَ) بن بلالٍ (عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ) الأيليِّ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّد بن مسلمٍ الزُّهريِّ (عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ) بن عمر بن الخطَّاب (أَنَّ) أباه (عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ ☻ كَانَ يَرْمِي الجَمْرَةَ الدُّنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ) ولأبي الوقت(1): ”ثمَّ يكبِّر“ (عَلَى إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ) منها؛ بكسر الهمزة وسكون المُثلَّثة، أي: عقبها (ثُمَّ يَتَقَدَّمُ) عن الجمرة (فَيُسْهِلُ) بضمِّ الياء وكسر الهاء بعد سكون السِّين: ينزل السَّهل من الأرض؛ وهو المكان المصطحب الذي لا ارتفاع فيه (فَيَقُومُ) حال كونه (مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو) مع حضور قلبه وخشوع جوارحه(2) قدر سورة البقرة‼ (وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ) في الدُّعاء كغيره، قال أبو موسى الأشعريُ _كما عند(3) البخاريِّ [خ¦4323]_: «دعا النَّبيُّ صلعم ، ثمَّ رفع يديه حتَّى رأيت بياض إبطيه» وعنده أيضًا من حديث ابن عمر [خ¦80/23-9455]: رفع صلعم يديه فقال: «اللَّهمَّ إنِّي أبرأ إليك ممَّا صنع خالدٌ»، لكن في حديث أنسٍ [خ¦1031]: «لم يكن النَّبيُّ صلعم يرفع يديه في شيءٍ من دعائه إلَّا في الاستسقاء» وهو حديثٌ صحيحٌ، ويُجمَع بينه وبين ما سبق: أنَّ الرَّفع في الاستسقاء يخالف غيره(4) بالمبالغة إلى أن تصير اليدان في(5) حذو(6) الوجه مثلًا، وفي الدُّعاء إلى حذو المنكبين، ولا يعكِّر(7) على ذلك أنَّه ثبت في كلٍّ منهما: حتَّى يُرى بياضُ إبطيه، بل يُجمَع بأن يكون رؤية البياض في الاستسقاء أبلغ منها في غيره، وأمَّا ما رُوِي عن مالكٍ من ترك رفع اليدين عند الدُّعاء بعد(8) رمي الجمار فقال ابن قدامة وابن المنذر: إنَّه شيءٌ تفرَّد به، وتعقَّبه ابن المُنيِّر بأنَّ الرَّفع لو كان هنا(9) سنَّةً ثابتةً ما خفي عن(10) أهل المدينة، وأُجيب بأنَّ الرَّاوي لذلك ابن عمر، وهو أعلم أهل المدينة من الصَّحابة في زمانه(11)، وابنه سالمٌ أحد الفقهاء السَّبعة من أهل المدينة، والرَّاوي عنه: ابن شهابٍ عالمُ المدينة ثمَّ الشَّام، وقال ابن فرحون من المالكيَّة في «مناسكه»: وفي رفع يديه في الدُّعاء قولان، قال ابن حبيبٍ: وإذا دعا راغبًا بسط يديه فجعل بطونهما إلى السَّماء، وإذا دعا راهبًا جعل بطونهما ممَّا يلي الأرض، وذلك في كلِّ دعاءٍ (ثُمَّ يَرْمِي الجَمْرَةَ الوُسْطَى كَذَلِكَ، فَيَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فَيُسْهِلُ، وَيَقُومُ) حال كونه (مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ) عند دعائه (ثُمَّ يَرْمِي الجَمْرَةَ ذَاتَ العَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الوَادِي، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا) للدُّعاء (وَيَقُولُ) أي(12): ابن عمر: (هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ) ولأبي ذرٍّ: ”رأيت النَّبيَّ“ ( صلعم يَفْعَلُ) بحذف ضمير المفعول الثَّابت في رواية الباب السَّابق [خ¦1751].


[1] في (د): «ولأبي ذرٍّ والوقت»، وفي (م): «ولأبي ذرٍّ»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
[2] في (ص): «خضوع قلبٍ وخضوع جوارحٍ».
[3] في (د): «في».
[4] زيد في غير (ب) و(س): «إمَّا».
[5] «في»: ليس في (ص).
[6] في (د): «حدِّ».
[7] في (د): «ولا يرد».
[8] في (ص): «عند».
[9] في غير (ص) و(م): «هنا لو كان».
[10] في (د): «على».
[11] في (ب) و(س): «زمنه».
[12] «أي»: ليس في (د).