إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: هكذا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة

          1748- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ) / الحوضيُّ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنِ الحَكَمِ) بفتحتين، ابن عُتَيْبَة؛ بضمِّ العين وفتح المُثنَّاة الفوقيَّة وسكون التَّحتيَّة وفتح المُوحَّدة (عَنْ إِبْرَاهِيمَ) النَّخعيِّ (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ) خال(1) إبراهيم المذكور (عَنْ عَبْدِ اللهِ) بن مسعود ( ☺ : أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى الجَمْرَةِ الكُبْرَى) وهي جمرة العقبة (جَعَلَ البَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ، وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ) واستقبل الجمرة (وَرَمَى) الجمرة (بِسَبْعٍ) من الحصيات، فلا يجزئ بستٍّ، وهذا قول الجمهور خلافًا لعطاءٍ في الإجزاء بالخَمْسِ، ومجاهدٍ بالسِّتِّ، وبه قال أحمد لحديث النَّسائيِّ عن سعد بن مالكٍ قال: رجعنا في الحجَّة مع النَّبيِّ صلعم وبعضنا يقول: رميت بسبعٍ، وبعضنا يقول: رميت بستٍّ، فلم يَعِبْ بعضهم على بعضٍ، وحديث أبي داود والنَّسائيِّ أيضًا عن أبي مِجْلَزٍ قال: سألت ابن عبَّاسٍ عن شيءٍ من أمر الجمار، قال: ما(2) أدري رماها رسول الله صلعم بستٍّ أو بسبعٍ، وأُجيب بأنَّ حديث سعدٍ(3) ليس بمسندٍ، وحديث ابن عبَّاسٍ ورد على الشَّكِّ، وشكُّ الشَّاكِّ لا يقدح في جزم الجازم، وحصى الرَّمي جميعه سبعون حصاةً، لرمي يوم النَّحر سبعٌ، ولكلِّ يومٍ من أيَّام التَّشريق إحدى وعشرون، لكلِّ جمرةٍ سبعٌ، فإن نفر في اليوم الثَّاني قبل الغروب سقط رمي اليوم الثَّالث، وهو إحدى وعشرون حصاةً، ولا دم عليه ولا إثم، فيطرحها، وما يفعله النَّاس من دفنها لا أصل له، وهذا مذهب الأئمَّة الأربعة، وعليه أصحاب أحمد، لكن رُوِي(4) عنه: أنَّها ستُّون، فيرمي كلَّ جمرةٍ بستَّةٍ، وعنه أيضًا: خمسون، فيرمي كلَّ جمرةٍ بخمسةٍ، وإذا ترك رمي يومٍ أو يومين عمدًا أو سهوًا تداركه في باقي الأيَّام، فيتدارك الأوَّل في الثَّاني أو الثَّالث، والثَّاني أو الأوليين في الثَّالث، ويكون ذلك أداءً، وفي قولٍ: قضاءً لمجاوزته للوقت المضروب له، وعلى الأداء يكون الوقت المضروب وقت اختيارٍ؛ كوقت الاختيار للصَّلاة، وجملة الأيَّام في حكم الوقت الواحد، ويجوز تقديم رمي التَّدارك على(5) الزَّوال، ويجب التَّرتيب بينه وبين رمي يوم التَّدارك بعد الزَّوال(6)، وعلى القضاء: لا يجب التَّرتيب بينهما، ويجوز التَّدارك باللَّيل لأنَّ‼ القضاء لا يتأقَّت، وقِيلَ: لا يجوز لأنَّ الرَّمي عبادة النَّهار كالصَّوم، ذكره كلَّه الرَّافعيُّ في «الشَّرح»، وتبعه في «الرَّوضة» و«المجموع»، وحَكَىَ في «الشَّرح الصغير» عن القاضي(7) وجهين في التَّدارك قبل الزَّوال: أصحُّهما: المنع لأنَّ ما قبل الزَّوال لم يُشرَع فيه رميٌ قضاءً ولا أداءً، قال: ويجري(8) الوجهان في التَّدارك ليلًا، وإن جعلناه أداءً ففيما قبل الزَّوال واللَّيل الخلاف، قال الإمام: والوجه: القطع بالمنع، فإنَّ تعيين الوقت بالأداء أليق، ولا دم مع التَّدارك، وفي قولٍ: يجب، وإن لم يتدارك المتروك فعليه دمٌ في ترك(9) يومٍ، وكذا في اليومين والثَّلاثة لأنَّ الرَّمي فيها كالشَّيء الواحد، ولو ترك رمي ثلاث حصيَّاتٍ لزمه دمٌ كما يجب في حلق ثلاث شعراتٍ لمُسمَّى الجمع، وفي الحصاة: مُدُّ طعامٍ، والحصاتين: مُدَّان لعسر تبعيض الدَّم (وَقَالَ) أي(10): ابن مسعودٍ: (هَكَذَا رَمَى الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ البَقَرَةِ صلعم ).


[1] في (د): «قال»، وهو تحريفٌ.
[2] في غير (ص) و(م): «لا».
[3] في غير (د) و(س): «سعيد»، وهو تحريفٌ.
[4] في (ص): «يُروَى».
[5] في (د): «بعد».
[6] قوله: «ويجب التَّرتيب بينه وبين رمي يوم التَّدارك بعد الزَّوال»: سقط من (د).
[7] في غير (ب) و(س): «القضاء».
[8] في (ص): «ويجوز»، وفي (م): «ويجزئ».
[9] في (د): «تركه».
[10] «أي»: ليس في (ص) و(م).