إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: والذي لا إله غيره، هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة

          1747- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ) بالمُثلَّثة العبديُّ البصريُّ، قال ابن معينٍ: لم يكن بالثِّقة، وقال أبو حاتمٍ: صدوقٌ، ووثَّقه أحمد ابن حنبل، وروى عنه البخاريُّ ثلاثة أحاديث؛ في: «العلم» [خ¦90] و«البيوع» [خ¦2051] و«التَّفسير» [خ¦4626] وقد تُوبِع عليها قال: (أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ) الثَّوريُّ (عَنِ الأَعْمَشِ) سليمان بن مهران (عَنْ إِبْرَاهِيمَ) النَّخعيِّ (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ) النَّخعيِّ (قَالَ: رَمَى عَبْدُ اللهِ) أي: ابن مسعودٍ ☺ جمرةَ العقبة (مِنْ بَطْنِ الوَادِي) فتكون مكَّة عن(1) يساره وعرفة عن(2) يمينه، ويكون مستقبل الجمرة، ولفظ التِّرمذيِّ: لمَّا أتى عبد الله جمرة العقبة استبطن الوادي (فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ) هي كنية عبد الله بن مسعودٍ: (إِنَّ نَاسًا يَرْمُونَهَا) أي: جمرة العقبة يوم النَّحر (مِنْ فَوْقِهَا، فَقَالَ) ابن مسعودٍ: (وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ البَقَرَةِ صلعم ) بفتح ميم «مَقام» اسم مكانٍ من قام يقوم، أي: هذا موضع قيام النَّبيِّ صلعم ، وخصَّ سورة البقرة لمناسبتها للحال لأنَّ معظم المناسك مذكورٌ فيها، خصوصًا ما يتعلَّق بوقت الرَّمي؛ وهو قول الله تعالى: {وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ}[البقرة:203] وهو من باب التَّلميح، فكأنَّه قال: مِن هنا رمى مَنْ أُنزِلت عليه(3) أمور المناسك وأخذ عنه أحكامها، وهو أَولى وأحقُّ بالاتِّباع ممَّن رمى الجمرة من فوقها.
          (وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الوَلِيدِ) العدنيُّ ممَّا وصله ابن منده قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) الثَّوريُّ (عَنِ الأَعْمَشُ) وفي نسخةٍ _وهي التي في الفرع وأصله لا غير_: ”حدَّثنا الأعمش“ (بِهَذَا) الحديث المذكور عن ابن مسعودٍ، وفائدة ذكر هذا بيان سماع سفيان الثَّوريِّ له من الأعمش.
          ورواة هذا الحديث كلُّهم كوفيُّون إلَّا شيخه فبصريٌّ، وسفيان‼ مكِّيٌّ، وفيه: رواية الرَّجل عن خاله لأنَّ عبد الرَّحمن خال إبراهيم، وفيه: ثلاثةٌ من التَّابعين يروي بعضهم عن بعضٍ؛ الأعمش وإبراهيم وعبد الرَّحمن، وأخرجه المؤلِّف أيضًا عن مُسدَّدٍ [خ¦1750] وعن حفص بن عمر [خ¦1748]، ومسلمٌ والنَّسائيُّ وابن ماجه في «الحجِّ».


[1] في (ب) و(ص): «على».
[2] في (د): «على».
[3] في (د): «إليه».