إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كلوا وتزودوا

          1719- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابن مسرهدٍ‼ قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) بن سعيدٍ القطَّان البصريُّ (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ) عبد الملك بن عبد العزيز قال: (حَدَّثَنَا عَطَاءٌ) هو ابن أبي رباحٍ، أنَّه (سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ) الأنصاريَّ ( ☻ يَقُولُ: كُنَّا لَا نَأْكُلُ مِنْ لُحُومِ بُدْنِنَا فَوْقَ ثَلَاثِ مِنًى) بإضافة «ثلاث» إلى «منًى» أي: الأيَّام الثَّلاثة التي يُقام بها بمنًى(1)، وهي الأيَّام المعدودات، وقال في «المصابيح»: والأصل: ثلاثِ ليالي منًى كما في قولهم: حَبُّ رُمَّان زيدٍ؛ فإنَّ القصد(2) إضافة الحبِّ المختصِّ بكونه للرُّمَّان إلى زيدٍ، ومثله: ابن قيسِ الرُّقيَّات؛ فإنَّ المتلبَّس بالرُّقيَّات ابن قيسٍ، لا قيسٌ، قال الشَّيخ سعد الدِّين التَّفتازانيُّ: وتحقيقه أنَّ مُطلَق الحبِّ مضافٌ إلى الرُّمَّان، والحبُّ المقيَّد بالإضافة إلى الرُّمَّان مضافٌ(3) إلى زيدٍ، قال الدَّمامينيُّ: وفيه نظرٌ، فتأمَّله (فَرَخَّصَ لَنَا النَّبِيُّ صلعم فَقَالَ: كُلُوا وَتَزَوَّدُوا، فَأَكَلْنَا وَتَزَوَّدْنَا) قال ابن جريجٍ: (قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَقَالَ) جابرٌ: (حَتَّى جِئْنَا المَدِينَةَ؟ قَالَ) عطاءٌ: (لَا) أي: لم يقل جابرٌ: «حتَّى جئنا المدينة»، ووقع في «مسلمٍ»: «نعم» بدل قوله: «لا»، وجُمِع بينهما بالحمل على أنَّه نسي، فقال: لا، ثمَّ تذكَّر، فقال: نعم.
          وهذا الحديث ناسخٌ للنَّهي الوارد في حديث عليٍّ عند مسلم: أنَّ رسول الله صلعم نهانا أن نأكل من لحوم نسكنا بعد ثلاثٍ، وغيره، وهو من نسخ السُّنَّة بالسُّنَّة، وحديث الباب أخرجه مسلمٌ في «الأضاحي»، والنَّسائيُّ في «الحجِّ».


[1] في (د): «تُقام بمنًى».
[2] زيد في (ص) و(م): «إلى».
[3] في (ص): «يُضاف».