إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن نبي الله رأى رجلًا يسوق بدنةً قال: اركبها

          1706- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا) بالجمع، ولأبوي ذَرٍّ والوقت وابن عساكر: ”حدَّثني“ (مُحَمَّدٌ) زاد أبو ذرٍّ: ”هو ابن سلَّامٍ“ (1) وكذا عند ابن السَّكن، لكن قال الجيَّانيُّ: لعلَّه محمَّد بن المُثنَّى لأنَّه قال بعد هذا في «باب الذَّبح قبل الحلق» [خ¦1723]: حدَّثنا محمَّد بن المُثنَّى: حدَّثنا عبد الأعلى، ويؤيِّده رواية الإسماعيليِّ وأبي نُعيمٍ(2) في «مستخرجيهما» من طريق الحسن بن سفيان: حدَّثنا محمَّد بن المُثنَّى: حدَّثنا عبد الأعلى، فذكرا حديث النَّعل، قال(3) الحافظ ابن حجرٍ: وليس ذلك بلازمٍ، والعمدة على ما قاله ابن السَّكن فإنَّه حافظٌ، و«سلامٌ» بالتَّخفيف، ولأبي ذرٍّ: بالتَّشديد، قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى) ابن(4) محمَّدٍ السَّامي _بالمهملة_ من بني سامة بن لؤيٍّ (عَنْ مَعْمَرٍ) هو ابن راشدٍ (عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ) مولى ابن عبَّاسٍ، لا عكرمة بن عمَّارٍ لأنَّه تلميذ يحيى لا شيخه (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ : أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلعم رَأَى رَجُلًا) حال كونه (يَسُوقُ بَدَنَةً) أي: هديًا (قَالَ) أي: النبي صلعم ، ولأبي ذرٍّ: ”فقال“ : (ارْكَبْهَا، قَالَ) الرَّجل: (إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ) ╕ : (ارْكَبْهَا، قَالَ) أبو هريرة: (فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ) أي: الرَّجل المذكور، حال كونه (رَاكِبَهَا) وإنَّما انتصب على الحال وإن كان مضافًا للضَّمير لأنَّ اسم الفاعل العامل لا يتعرَّف بالإضافة، وهو وإن كان ماضيًا لكنَّه على حكاية الحال كما في قوله تعالى: {وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ}[الكهف:18] أو(5)؛ لأنَّ إضافته لفظيَّةٌ، فهو نكرةٌ، ويجوز أن يكون بدلًا من ضمير المفعول في «رأيته» (يُسَايِرُ(6) النَّبِيَّ صلعم وَالنَّعْلُ فِي عُنُقِهَا).
          (تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) بفتح المُوحَّدة وتشديد المعجمة، قال إمام الصَّنعة الحافظ ابن حجرٍ: المُتابَع _بالفتح_ هنا هو مُعْمَرٌ، والمتَّابِع _بالكسر_ ظاهر السِّياق أنَّه محمَّد بن بشَّارٍ، وفي التَّحقيق: هو(7) عليُّ بن المبارك / وإنَّما احتاج مَعْمَرٌ عنده إلى المتابعة لأنَّ في رواية البصريِّين عنه مقالًا لكونه حدَّثهم بالبصرة من حفظه، وهذا من رواية البصريِّين. انتهى. وتعقَّبه العينيُّ فقال: الذي يقتضيه حقُّ التَّركيب يردُّ ما قاله على ما لا يخفى، والذي حمله على هذا ذكر عليِّ بن المبارك في السَّند الذي يأتي عقب هذا، وهذا في غاية البعد على ما لا يخفى، غاية ما في الباب أنَّ السَّند الذي فيه عليُّ بن المبارك يظهر أنَّه تابع معمرًا في روايته في نفس الأمر لا في الظَّاهر لأنَّ التَّركيب لا يساعد ما قاله أصلًا، فافهم. انتهى.
          وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: ”أخبرنا“ (عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ) بن فارسٍ البصريُّ قال: (أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ المُبَارَكِ) الهُنَائيُّ _بضمِّ الهاء وتخفيف النُّون_ ممدودٌ(8)، البصريُّ، ثقةٌ، كان له عن يحيى بن أبي كثيرٍ‼ كتابان: أحدهما: سماعٌ، والآخر: إرسالٌ، فحديث الكوفيِّين عنه فيه شيءٌ، لكن أخرج له البخاريُّ من رواية البصريِّين خاصَّةً، وأخرج من رواية وكيعٍ عنه حديثًا واحدًا تُوبِع عليه (عَنْ يَحْيَى) بن أبي كثيرٍ (عَنْ عِكْرِمَةَ) مولى ابن عبَّاسٍ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ ، عَنِ النَّبيِّ صلعم ) وأخرجه الإسماعيليُّ من طريق وكيعٍ بمتابعة عثمان بن عمر، وقال: إنَّ حسينًا المعلِّم رواه عن(9) يحيى بن أبي كثيرٍ أيضًا.


[1] زيد في (د): «بالتَّشديد»، وسيأتي لاحقًا.
[2] في (م): «محمَّد»، والمثبت موافقٌ لما في «الفتح».
[3] في (ص): «قاله»، وكلاهما صحيحٌ.
[4] في (ص): «أبو»، وكلاهما صحيحٌ.
[5] قوله: «وإن كان مضافًا للضَّمير لأنَّ اسم الفاعل... { وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ } أو» ليس في (ص) و(م) و (ج).
[6] في (ل): «يسار».
[7] في (ص): «أنَّه».
[8] في (س): «ممدودًا».
[9] «عن»: سقط من (د).