إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: شك الناس يوم عرفة في صوم النبي

          1658- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المدينيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عُيَيْنَةَ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم ابن شهابٍ قال: (حَدَّثَنَا سَالِمٌ) هو أبو النَّضر _بالضَّاد المعجمة_ ابن أبي أميَّة مولى عمر بن عبيد الله؛ كذا في فروع(1) «اليونينيَّة» والصَّواب سقوط: «الزُّهريِّ» كما في بعض الأصول، وعند المؤلِّف في «باب الوقوف على الدَّابَّة بعرفة» [خ¦1661] من طريق القعنبيِّ، و«كتاب الصَّوم» [خ¦1988] من طريق مُسدَّدٍ، وطريق عبد الله بن يوسف، كلُّهم عن مالكٍ عن أبي النَّضر، لكن قال البرماويُّ كالكِرمانيِّ: إن صحَّ سماع الزُّهريِّ من سالمٍ أبي النَّضر فيكون البخاريُّ رواه بالطَّريقين (قَالَ: سَمِعْتُ عُمَيْرًا) بضمِّ العين وفتح الميم مُصغَّرُ: «عمر» (مَوْلَى أُمِّ الفَضْلِ) ويُقال: مولى ابن عبَّاسٍ، فالأوَّل: على الأصل، والثاني: باعتبار ما آل إليه(2) لأنَّه انتقل‼ إلى ابن عبَّاسٍ من قِبَل أمِّه (عَنْ أُمِّ الفَضْلِ) لبابة أمِّ عبد الله بن عبَّاسٍ قالت: (شَكَّ النَّاسُ) واختلفوا، وهو معنى قوله في «كتاب الصَّوم» [خ¦1988]: «وتماروا» (يَوْمَ عَرَفَةَ) وهم معرِّفون(3) (فِي صَوْمِ النَّبِيِّ صلعم ) فقال بعضهم: هو صائمٌ، وقال بعضهم: ليس بصائمٍ، فيه: إشعارٌ بأنَّ صوم يوم عرفة كان معروفًا عندهم معتادًا لهم في الحضر، فمن قال بصيامه له أخذ بما كان عليه _ ╕ _ من عادته، ومن نفاه أخذ بكونه مسافرًا، قالت أمُّ الفضل: (فَبَعَثْتُ) بسكون المُثلَّثة وضمِّ المُثنَّاة الفوقيَّة بلفظ المتكلِّم، ولأبوي ذرٍّ والوقت: ”فبعثَتْ“ بفتح المُثلَّثة وسكون المُثنَّاة، أي: أمُّ الفضل، وفي «كتاب الصَّوم» [خ¦1988]: «فأرسلت» وفي حديثٍ آخر [خ¦1989]: أنَّ المرسلة هي ميمونة بنت الحارث، فيحتمل أنَّهما معًا أرسلتا، فنسب ذلك إلى كلٍّ منهما، فتكون ميمونة أرسلت لسؤال أمِّ الفضل لها بذلك لكشف الحال في ذلك، ويحتمل أن تكون أمُّ الفضل أرسلت ميمونة (إِلَى النَّبِيِّ صلعم بِشَرَابٍ) وفي «باب الوقوف على الدَّابَّة بعرفة» [خ¦1661] وفي «كتاب الصِّيام»: «بقدح لبنٍ» (فَشَرِبَهُ) زاد فيهما: «وهو واقفٌ على بعيره» وزاد أبو نُعيمٍ: وهو يخطب النَّاس بعرفة، وفيه / : استحباب فطر يوم عرفة للحاجِّ، وفي «سنن أبي داود»: أنَّ نهيه صلعم عن صوم يوم عرفة بعرفة، وهذا وجهٌ للشَّافعيَّة، والصَّحيحُ أنَّه خلاف الأَولى لا مكروهٌ، وعلى كلِّ حالٍ يُستحَبُّ فطره للحاجِّ للاتِّباع كما دلَّ عليه حديث الباب، وليقوى على الدُّعاء، وأمَّا حديث أبي داود فضُعِّف(4) بأنَّ في إسناده مجهولًا، قال في «المجموع»: قال الجمهور: وسواءٌ أَضْعَفَه الصَّوم عن الدُّعاء وأعمال الحجِّ أم لا، وقال المتولِّي: إن كان ممَّن لا يضعف بالصَّوم عن ذلك فالصَّوم أَولى له(5)، وإلَّا فالفطر.
          وهذا الحديث أخرجه المؤلِّف أيضًا في «الحجِّ» [خ¦1661] وفي «الصَّوم» [خ¦1988] وفي «الأشربة» [خ¦5604]، ومسلمٌ في «الصَّوم»، وكذا أبو داود.


[1] في (ب) و(س): «فرع».
[2] «إليه»: ليس في (د).
[3] في (د): «بعرفة».
[4] في (د): «فضعيفٌ».
[5] «له»: ليس في (ص).