إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: اعملوا فإنكم على عمل صالح

          1635- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ) هو(1) ابن شاهين الواسطيُّ، لا ابن بشرٍ، قال: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ) الطَّحَّان (عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ) مولى ابن عبَّاسٍ (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم جَاءَ إِلَى السِّقَايَةِ) التي يُسقَى بها الماء(2) في الموسم وغيره (فَاسْتَسْقَى) طلبَ الشَّراب (فَقَالَ العَبَّاسُ) لولده: (يَا فَضْلُ اذْهَبْ / إِلَى أُمِّكَ) أمِّ الفضل لبابة بنت الحارث الهلاليَّة (فَأْتِ رَسُولَ اللهِ صلعم بِشَرَابٍ مِنْ عِنْدِهَا، فَقَالَ) صلعم : (اسْقِنِي، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِيهِ، قَالَ) ╕ تواضعًا وإرشادًا إلى أنَّ الأصل الطَّهارة والنَّظافة، حتَّى يتحقَّق أو يظنَّ ما يخالف الأصل: (اسْقِنِي) زاد الطَّبرانيُّ(3): «ممَّا يشرب منه النَّاس» وزاد أبو عليِّ بن السَّكن في روايته: ”فناوله العبَّاس الدَّلو“ (فَشَرِبَ مِنْهُ) زاد الطَّبرانيُّ: فذاقه فقطَّب، ثمَّ دعا بماءٍ فكسره، ثمَّ قال: «إذا اشتدَّ نبيذكم فاكسروه بالماء» وتقطيبه ╕ منه إنَّما كان لحموضته فقط، وكسره بالماء ليهون شربه عليه (ثُمَّ أَتَى) ╕ (زَمْزَمَ، وَهُمْ يَسْقُونَ) النَّاس، والجملة حاليَّةٌ (وَيَعْمَلُونَ فِيهَا) أي: ينزحون منها الماء (فَقَالَ) ╕ لهم: (اعْمَلُوا، فَإِنَّكُمْ عَلَى عَمَلٍ صَالِحٍ، ثُمَّ قَالَ) ╕ ‼: (لَوْلَا أَنْ تُغْلَبُوا) بضمِّ المُثنَّاة الفوقيَّة وفتح اللَّام مبنيًّا للمفعول، أي: لولا أن يجتمع عليكم النَّاس _إذا رأوني قد عملته_ لرغَّبتهم في الاقتداء بي فيغلبوكم بالمكاثرة (لَنَزَلْتُ) عن راحلتي (حَتَّى أَضَعَ الحَبْلَ عَلَى هَذِهِ_يَعْنِي) ╕ : (عَاتِقَهُ_ وَأَشَارَ) بقوله صلعم : «هذه» (إِلَى عَاتِقِهِ) وفيه إشارةٌ إلى أنَّ السِّقايات العامَّة _كالآبار والصَّهاريج_ يتناول منها الغنيُّ والفقير إلَّا أن ينصَّ على إخراج الغنيِّ لأنَّه صلعم تناول من ذلك الشَّراب العامِّ، وهو لا يحلُّ له الصَّدقة، فيُحمَل الأمر في هذه السِّقايات على أنَّها موقوفةٌ فيه للنَّفع العامِّ، فهي للغنيِّ هديَّةٌ وللفقير صدقةٌ، وفيه أيضًا: كراهة التَّقذُّر والتَّكرُّه للمأكولات والمشروبات، وموضع التَّرجمة منه قوله: «جاء إلى السِّقاية».


[1] «هو»: ليس في (ص).
[2] في (د): «للنَّاس».
[3] في غير (ب) و(س): «الطَّبريُّ»، والمثبت موافقٌ لما في «الفتح»: (3/575)، وكذا في الموضع اللاَّحق.