إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كان رسول الله يدخل من الثنية العليا

          1575- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ) الحِزاميُّ(1) المدنيُّ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (مَعْنٌ) بفتح الميم وسكون العين ابن عيسى بن يحيى القزَّاز بالقاف وتشديد الزَّاي الأولى (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد أيضًا (مَالِكٌ) الإمام، قال في «الفتح»: ليس هو في «المُوطَّأ»، ولا رأيته في «غرائب مالكٍ» للدَّارقطنيِّ، ولم أقف عليه إلَّا من رواية معن بن عيسى، وقد تابع إبراهيمَ ابن المنذر عليه عبدُ الله بن جعفرٍ البرمكيُّ (عَنْ نَافِعٍ) مولى ابن عمر (عَنِ ابْنِ عُمَرَ ☻ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم يَدْخُلُ) مكة (مِنَ الثَّنِيَّةِ العُلْيَا) التي ينزل منها إلى المُعلَّاة(2)، ومقابر مكَّة بجنب المُحصَّب، و«الثَّنِيَّة» بفتح المُثلَّثة وكسر النُّون وتشديد المُثنَّاة التَّحتيَّة: كلُّ عقبةٍ في جبلٍ أو طريقٍ عاليةٍ فيه، وهذه الثَّنيَّة كانت صعبة المرتقى، فسهَّلها معاوية ثمَّ عبد الملك ثمَّ المهديُّ، ثمَّ سهل منها سنة إحدى عشرة وثمان مئةٍ موضعٌ، ثمَّ سُهِّلت كلُّها في زمن / سلطان مصر الملك المُؤيَّد في حدود العشرين وثمان مئةٍ (وَيَخْرُجُ) منها (مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى) التي بأسفل مكَّة عند باب شَبِيكَة، وكان بناء هذا الباب عليها في القرن السَّابع، زاد الإسماعيليُّ من طريق ابن ناجية عن البخاريِّ، وأبو داود من طريق عبد الله بن جعفرٍ البرمكيِّ عن معنٍ: ”يعني: ثنيَّتي مكَّة“ والمعنى في ذلك: الذَّهاب من طريقٍ والإياب من أخرى كالعيد لتشهد له الطَّريقان، وخُصَّت العليا بالدُّخول مناسبةً(3) للمكان العالي الذي قصده، والسُّفلى للخروج مناسبةً للمكان الذي يذهب إليه، ولأنَّ إبراهيم ╕ حين قال: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ}[إبراهيم:37] كان على العليا كما رُوِي عن ابن عبَّاسٍ، قاله السُّهيليُّ.


[1] في غير (د) و(س): «الخزاميُّ»، وهو تصحيفٌ.
[2] في (د): «المُعلَّى».
[3] في (ص): «مناسبته».