إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: صلى النبي بالمدينة الظهر أربعًا

          1548- وبه قال: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ) الواشحيُّ _بالمعجمة ثمَّ المهملة_ الأزديُّ قال: (حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ) هو ابن درهمٍ، الجهضميُّ الأزديُّ البصريُّ (عَنْ أَيُّوبَ) السَّختيانيِّ (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ) الجرميِّ (عَنْ أَنَسٍ ☺ قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صلعم بِالمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالعَصْرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَسَمِعْتُهُمْ) أي: النَّاوين للقِران(1) (يَصْرُخُونَ بِهِمَا) أي: بالحجِّ والعمرة (جَمِيعًا) أو الضَّمير في «سمعتهم» راجعٌ إلى النَّبيِّ صلعم ومن معه من أصحابه.
          وفي الحديث: حجَّةٌ للجمهور في استحباب رفع الصَّوت بالتَّلبية للرَّجل بحيث لا يضرُّ بنفسه، نعم لا يُستحَبُّ رفع الصَّوت بها في ابتداء الإحرام، بل يُسمِع نفسَه فقط كما في «المجموع»، وخرج بالرَّجل: المرأةُ والخنثى فلا يرفعان صوتهما، بل يُسمِعان أنفسَهما فقط كما في قراءة الصَّلاة، فإن رفعا كُرِه، وقد روى أحمد في «مُسنَده» من حديث أبي هريرة، أنَّ النَّبيَّ صلعم قال: «أمرني جبريل برفع الصَّوت بالإهلال، وقال: إنَّه من شعائر الحجِّ»، وهذا كغيره من الأحاديث ليس فيه بيان حكم التَّلبية، وقد اختُلِف في ذلك، ومذهب الشَّافعيِّ وأحمد: أنَّها سنَّةٌ، وفي وجهٍ حكاه الماورديُّ عن ابن خيران وابن وهبٍ وابن أبي هريرة: أنَّها واجبةٌ يجب بتركها دمٌ، وقال الحنفيَّة: إذا اقتصر على النِّيَّة ولم يلبِّ لا ينعقد إحرامه لأنَّ الحجَّ تضمَّن أشياءَ مختلفةً فعلًا وتركًا، فأشبه الصَّلاة، فلا يحصل إلَّا بالذِّكر في أوَّله، وقال المالكيَّة: ولا ينعقد إلَّا بنيَّةٍ مقرونةٍ بقولٍ أو فعلٍ متعلِّقين به كالتَّلبية والتَّوجُّه إلى الطَّريق، فلا ينعقد بمُجرَّد النِّيَّة، وقِيلَ: ينعقد، قاله سندٌ، وهو مرويٌّ(2) عن مالكٍ.


[1] في (د): «القِران».
[2] في (د): «يُروَى».