إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: سئل النبي: أي الأعمال أفضل؟قال إيمان بالله ورسوله

          1519- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ) بن يحيى الأويسيُّ(1) المدنيُّ الأعرج قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوفٍ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم ابن شهابٍ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ) بفتح الياء على المشهور، وقِيلَ: بكسرها، وكان يَكرَه فتحها (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلعم ) السَّائل أبو ذرٍّ (أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟) أي: أكثر ثوابًا، وفي حديث ابن مسعودٍ عند الشَّيخين [خ¦7534]: أيُّ الأعمال أحبُّ إلى الله؟ قال: «الصَّلاة لوقتها»، وفي حديث أبي سعيدٍ: سُئِل رسول الله صلعم : أيُّ النَّاس أفضل؟ قال: «رجلٌ يجاهد في سبيل الله»، إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في هذا المعنى، واستُشكِلت للمعارضة الظَّاهرة، وأُجيب بأنَّه صلعم أجاب كُلًّا بما يوافق غرضه وما يرغِّبه فيه، أو على حسب ما عُرِف من حاله، وبما(2) يليق به، وأصلح له؛ توقيفًا له على ما خفي عليه، وقد يقول القائل: خير الأشياء كذا، ولا يريد تفضيله في نفسه على جميع الأشياء، ولكن يريد أنَّه خيرها في حالٍ دون حالٍ، ولواحدٍ دون آخر (قَالَ) ╕ : أفضل الأعمال: (إِيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ) ونكَّر الإيمان ليُشعِر بالتَّعظيم والتَّفخيم، أي: التَّصديق المُقارَن بالإخلاص المستتبع للأعمال الصَّالحة (قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟) أي: أيُّ شيءٍ أفضل بعده؟ (قَالَ: جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللهِ) أي: قتالُ الكفَّار لإعلاء كلمة الله (قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟) أفضل؟ (قَالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ) مقبولٌ، أو لم يخالطه إثمٌ، أو لا رياء فيه، أو لا يقع(3) فيه معصيةٌ، وفي حديث جابرٍ عند(4) أحمد بإسنادٍ فيه ضعفٌ: قالوا: يارسول الله ما برُّ الحجِّ؟ قال: «إطعام الطَّعام وإفشاء السَّلام»، وقوله: «إيمانٌ بالله...» إلى آخره، أخبار مبتدآتٍ محذوفةٍ لا مبتدآتٌ محذوفةُ(5) الأخبار لأنَّ(6) المُقدَّر في الكلِّ «أفضلُ الأعمال» وهو أعرف من إيمانٍ بالله‼ ولاحقَيْه، وقوله: «مبرورٌ» قال المازريُّ: هو من البرِّ.


[1] في (د): «الأوسيُّ»، وهو تحريفٌ.
[2] في (د): «وما».
[3] في (ب) و(س): «تقع».
[4] في (ص): «عن».
[5] في (د) و(م): «مبتدأٍ محذوفٍ لا مبتدأٌ محذوفٌ».
[6] «لأنَّ»: ليس في (م).