إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ذكرت شيئًا من تبر عندنا فكرهت أن يحبسني

          851- وبالسَّند إلى المؤلِّف قال‼: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ) بضمِّ العين، العَلَّاف، ولابن عساكر: ”ابن ميمونٍ“ (قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ) بن أبي إسحاق السَّبِيعيُّ، كان يغزو سنةً ويحجُّ أخرى، تُوفِّي سنة سبعٍ وثمانين ومئةٍ (عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ) بضمِّ العين وفتح الميم في الأوَّل، وكسر العين في الثَّاني، ابن أبي حسينٍ النَّوفليِّ المكِّيِّ (قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ) بضمِّ الميم (عَنْ عُقْبَةَ) بن الحارث النَّوفليِّ، أبي سَـِروعة؛ بكسر السِّين المُهمَلة وفتحها (قَالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صلعم بِالمَدِينَةِ العَصْرَ، فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ) كذا للكُشْمِيْهَنِيِّ، وفي رواية الحَمُّويي والمُستملي: ”فسلَّم، فقام“ حال كونه (مُسْرِعًا، فَتَخَطَّى) بغير همزٍ، أي: فتجاوز (رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ) فيه: أنَّ للإمام أن ينصرف متى شاء، وأنَّ التَّخطِّيَ لِمَا لا غنى عنه مباحٌ، وأنَّ من وجب عليه فرضٌ فالأفضل مبادرته إليه. (فَفَزِعَ النَّاسُ) بكسر الزَّاي، أي: خافوا (مِنْ سُرْعَتِهِ) وكانت هذه عادتهم إذا رأوا منه ╕ غير ما يعهدونه خشية أن ينزل فيهم شيءٌ فيسوءهم (فَخَرَجَ) صلعم من الحجرة (عَلَيْهِمْ) ولابن عساكر ”إليهم“ (فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا) وللكُشْمِيْهَنِيِّ: ”أنهم قد عجبوا“ (مِنْ سُرْعَتِهِ، فَقَالَ) ╕ : (ذَكَرْتُ) بفتح الذَّال والكاف، أو بالضَّمِّ والكسر، وأنا في الصَّلاة (شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ) بكسر المُثنَّاة؛ شيئًا من ذهبٍ أو فضَّةٍ غير مصوغٍ، أو من ذهبٍ فقط، وفي رواية أبي عاصمٍ: «تبرًا من الصَّدقة» [خ¦143] (عِنْدَنَا، فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي) أي: يشغلني التَّفكُّر فيه عن التَّوجُّه والإقبال على الله تعالى (فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ) بكسر القاف والمُثنَّاة الفوقيَّة بعد الميم، ولأبي ذَرٍّ وابن عساكر: ”بقَسْمِهِ“ بفتح القاف من غير مُثنَّاة، وفي رواية أبي عاصمٍ: «فَقَسَمْتُه»، ويُؤخَذ منه: أنَّ عروض الذِّكر في الصَّلاة في أجنبيٍّ عنها من وجوه الخير، وإنشاء العزم في أثنائها على الأمور المحمودة لا يفسدها، ولا يقدح في كمالها، واستنبط منه ابن بطَّالٍ: أنَّ تأخُّر الصَّدقة يحبس صاحبها يوم القيامة في الموقف.
          ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين كوفيٍّ ومكِّيٍّ، وفيه: التَّحديث والإخبار والعنعنة والقول، وشيخ البخاريِّ(1) من أفراده، وأخرجه أيضًا في «الصَّلاة» [خ¦1221] و«الزَّكاة» [خ¦1430] و«الاستئذان» [خ¦6275]، والنَّسائيُّ في «الصَّلاة».


[1] في (ص): «المؤلِّف».