إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كان ابن عمر يصلي في مكانه الذي صلى فيه الفريضة

          848- وبالسَّند إلى المؤلِّف قال: (وَقَالَ لَنَا آدَمُ) بن أبي إياسٍ، وعادة المؤلِّف أن يستعمل هذا اللَّفظ في المذاكرة، وهي أحطُّ رتبةً، وعلى ذلك مشى الكِرمانيُّ، وتبعه البرماويُّ والعينيُّ، قال في «الفتح»: وليس بمُطَّردٍ، فقد وجدت كثيرًا ممَّا قال فيه ذلك قد أخرجه في تصانيفَ أخرى بصيغة التَّحديث، وإنَّما عبَّر بذلك ليغاير بينه وبين المرفوع، كما عرفته بالاستقراء من صنيعه. وتعقَّبه العينيُّ بأنَّه لا يلزم من كونه وجده(1)... إلى آخره أن يكون المؤلِّف أسند هذا الأثر في تصنيفٍ آخر بصيغة التَّحديث. انتهى. (حَدَّثَنَا) وللأَصيليِّ: ”أخبرنا“ (شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ أَيُّوبَ) السَّختيانيِّ (عَنْ نَافِعٍ) مولى ابن عمر (قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ) بن الخطَّاب (يُصَلِّي) النَّفل (فِي مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الفَرِيضَةَ) ولأبي ذَرٍّ عن الحَمُّويي ”فريضةً“ ورواه ابن أبي شيبة من وجهٍ آخر عن أيُّوب عن نافعٍ قال: «كان ابن عمر يصلِّي سُبْحته مكانه».
           (وَفَعَلَهُ) أي: صلاة النَّفل في موضع الفرض (القَاسِمُ) بن محمَّد بن أبي بكرٍ الصِّدِّيق ♥ ، وهذا وصله ابن أبي شيبة.
           (وَيُذْكَرُ) بضمِّ أوَّله مبنيًّا للمفعول، ممَّا وصله أبو داود وابن ماجه، لكن بمعناه (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ) بفتحاتٍ في الفرع أي: إلى رسول الله صلعم ، وفي غير الفرع: ”رَفْعُه“ بفتحٍ فسكونٍ فضمٍّ، مصدرٌ مضافٌ للفاعل، مرفوعٌ نائبًا عن الفاعل في «يُذكَر»، ومفعوله جملة: (لَا يَتَطَوَّعُ الإِمَامُ) بضمِّ العين، أو مجزومٌ بـ «لا»، وكُسِر لالتقاء السَّاكنين (فِي مَكَانِهِ) الَّذي صلَّى فيه الفريضة. (وَلَمْ يَصِحَّ) ولابن عساكر: ”ولا يصحُّ“ هذا التَّعليق لضعف إسناده واضطرابه، تفرَّد به ليث بن أبي سُلَيْمٍ، وهو ضعيفٌ، واختُلِف عليه فيه، وفي الباب عن المغيرة بن شعبة مرفوعًا أيضًا، ممَّا رواه(2) أبو داود بإسنادٍ منقطعٍ بلفظ: «لا يصلِّي الإمام في الموضع الَّذي صلَّى فيه حتَّى يتحوَّل عن مكانه» ولابن أبي شيبة بإسنادٍ حسنٍ عن عليٍّ‼ قال: «من السُّنَّة ألَّا يتطوَّع الإمام حتَّى يتحوَّل عن مكانه» وكأنَّ المعنى في كراهة ذلك خشية التباس النَّافلة بالفريضة على الدَّاخل.


[1] في (ص): «وجد».
[2] في (د): «وصله».