إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لأقربن صلاة النبي فكان أبو هريرة يقنت

          797- وبه قال: (حدَّثنا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ) بفتح الفاء والضَّاد المُعجَمَة، البصريُّ (قَالَ: حدَّثنا هِشَامٌ) الدَّستوائيُّ (عَنْ يَحْيَى) بن أبي كثير (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمن، ولمسلمٍ من طريق معاذِ بنِ هشامٍ: عن أبيه عن يحيى حدَّثني أبو سلمة (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ أنَّه (قَالَ: لأُقَرِّبَنَّ) لكم (صَلَاةَ النَّبِيِّ صلعم ) من التَّقريب مع نون التَّوكيد الثَّقيلة، أي: لأقربنَّكم إلى صلاته، أو لأقربنَّ صلاته إليكم، وللطحاويِّ: «لأرينَّكم» (فَكَانَ) بالفاء التَّفسيريَّة، ولابن عساكر: ”وكان“ (أَبُو هُرَيْرَةَ ☺ يَقْنُتُ فِي الرَّكْعَةِ الأخرَى) بضمِّ الهمزة وسكون الخاء وفتح الرَّاء، ولأبي ذَرٍّ والكُشْمِيْهَنِيِّ(1): ”في الركعة الآخِرَة“ (مِنْ) ثلاث صلوات: (صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَصَلَاةِ العِشَاءِ، وَصَلَاةِ الصُّبْحِ، بَعْدَمَا يَقُولُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) فيه القنوت بعد الرُّكوع في الاعتدال، وقال مالك: يقنت قبله دائمًا (فَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ، وَيَلْعَنُ الكُفَّارَ) الغير معيَّنين، أمَّا المعيَّن فلا يجوز لعنه حيًّا كان أو ميِّتًا، إلَّا من علمنا بالنُّصوص موته على الكفر كأبي لهب، وظاهر سياق الحديث أنَّه مرفوع إلى النَّبيِّ صلعم ، وليس موقوفًا على أبي هريرة لقوله: لأقرِّبنَّ لكم صلاة النَّبيِّ صلعم ، ثمَّ فسَّره بقوله: «فكان أبو هريرة...» إلى آخره، وقيل: المرفوع منه وجود القنوت، لا وقوعه في الصَّلوات المذكورة، ويدلُّ له ما في رواية شيبان عن يحيى عند المؤلِّف في «تفسير سورة النِّساء» [خ¦4598] من تخصيص المرفوع بصلاة العشاء، لكن لا ينفي(2) هذا كونه صلعم قنت في غير العشاء، فالظَّاهر أنَّ جميعه مرفوع، ورواة الحديث ما بين بصريٍّ ودستوائيٍّ ويمانيٍّ ومدنيٍّ، وفيه: التَّحديث والعنعنة والقول، وشيخ المؤلِّف فيه من أفراده، وأخرجه مسلم وأبو داود والنَّسائيُّ في «الصَّلاة».


[1] في (م): «وللكُشْمِيهَنيِّ» مع إسقاط «أبي ذرٍّ».
[2] في (ص): «ينبغي».