إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: صلى مع علي بالبصرة فقال: ذكرنا هذا الرجل

          784- وبه قال: (حدَّثنا إِسْحَاقُ) بن شاهين (الوَاسِطِيُّ قَالَ: حدَّثنا) ولأبي ذَرٍّ والأَصيليِّ: ”أخبرنا“ (خَالِدٌ) هو ابن عبد الله الطَّحَّان (عَنِ الجُرَيْرِيِّ) بضمِّ الجيم وفتح الرَّاء الأولى، سعيد بن إياسٍ (عَنْ أَبِي العَلَاءِ) يزيد بن عبد الله بن الشِّخِّير (عَنْ) أخيه (مُطَرِّفٍ) بن عبد الله (عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ): إنَّه (صَلَّى مَعَ عَلِيٍّ) هو ابن أبي طالبٍ ( ☺ بِالبَصْرَةِ) بعد وقعة الجمل (فَقَالَ) أي: عمران: (ذَكَّرَنَا) بتشديد الكاف وفتح الرَّاء، من التَّذكير(1) (هَذَا الرَّجُلُ) هو عليٌّ، جملةٌ من فعلٍ ومفعولٍ وفاعلٍ (صَلَاةً كُنَّا نُصَلِّيهَا مَعَ رَسُولِ اللهِ) وللأَصيليِّ: ”مع النَّبيِّ“ ( صلعم ، فَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَفَعَ، وَكُلَّمَا وَضَعَ) ليحصل تجدُّد(2) العهد في أثناء الصَّلاة بالتَّكبير الَّذي هو شعار النِّيَّة الَّتي كان ينبغي استصحابها إلى آخر الصَّلاة، وهذا مفهومهُ العمومُ في جميع الانتقالات، لكنَّه مخصوصٌ بحديث [خ¦690]: سمع الله لمن حمده، عند الاعتدال، وفيه مشروعيَّة التَّكبير في كلِّ خفضٍ ورفعٍ لكلِّ مصلٍّ، فالجمهور على ندبيَّة(3) ما عدا تكبيرة الإحرام، وذهب أحمد إلى وجوب جميع التَّكبيرات، وقد قال الشَّافعيَّة: لو ترك التَّكبير عمدًا أو سهوًا حتَّى ركع أو سجد لم يأتِ به لفوات محلِّه، ولا سجود، وقال المالكيَّة: يجب السُّجود بترك ثلاث تكبيراتٍ من أثنائها لأنَّه ذِكْرٌ مقصودٌ في(4) الصَّلاة، ثمَّ إنَّ في قوله: «ذَكَّرنا» إشارةٌ إلى أنَّ التَّكبير الَّذي ذكره كان قد(5) تُرِك، ويدلُّ له حديث أبي موسى الأشعريِّ عند أحمد والطَّحاويِّ بإسنادٍ صحيحٍ قال: ذَكَّرنا عليٌّ صلاةً كنَّا نصلِّيها مع رسول الله صلعم ؛ إما نسيناها، أو تركناها عمدًا... الحديثَ، وأوَّل من تركه عثمان بن عفَّان حين كَبُرَ وضَعُف صوتُه، وفي «الطَّبرانيِّ»: معاوية، وعند(6) أبي عبيدٍ: زيادٌ، وكأنَّ زيادًا تركه بترك معاوية، ومعاوية بترك عثمان، لكن يحتمل أن يُراد بترك عثمان تركُ الجهر به ولذلك(7) حمل بعض العلماء فعل الأخيرين عليه.
          ورواة هذا الحديث ما بين بصريٍّ وواسطيٍّ، وفيه: رواية الأخ عن الأخ، والتَّحديث والإخبار والعنعنة والقول، وشيخ المؤلِّف من أفراده.


[1] في (م): «التَّذكُّر».
[2] في (م): «تجديد».
[3] في (د) و(م): «ندبيَّته».
[4] «في»: ليس في (م).
[5] في (ب) و(س): «قد كان».
[6] في غير (ص): «عن».
[7] في (ص): «لذا»، وفي (م): «كذا».