إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: سجدت خلف أبي القاسم فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه

          766- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ) محمَّد بن الفضل (قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ) سليمان بن طرخان (عَنْ بَكْرٍ) بسكون الكاف، ابن عبد الله المزنيِّ (عَنْ أَبِي رَافِعٍ) بالفاء والعين المهملة، نُفَيْعٍ الصَّائغ (قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (العَتَمَةَ) أي: صلاة العشاء (فَقَرَأَ) فيها بعد الفاتحة: ({ إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ }[الانشقاق:1] فَسَجَدَ) أي: عند محلِّ السُّجود منها سجدةً (فَقُلْتُ لَهُ) أي: سألته عن حكم السَّجدة (قَالَ: سَجَدْتُ) زاد في الرِّواية الآتية في الباب التَّالي لهذا [خ¦768]: «بها» وفي روايةٍ هناك بدل «بها»: ”فيها“ (خَلْفَ أَبِي القَاسِمِ) رسول الله ( صلعم ) في الصَّلاة (فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا) أي: بالسَّجدة، أو «الباء» ظرفيَّةٌ، أي: فيها يعني السُّورة(1) { إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ } (حَتَّى أَلْقَاهُ) أي: حتَّى أموت. فإن قلت: قوله: «فلا أزال أسجد بها» أعمُّ من أن يكون داخل الصَّلاة أو خارجها، فلا حجَّة فيه على الإمام مالكٍ حيث قال: لا سجدة فيها، وحيث كُرِه في المشهور عنه السَّجدة في الفريضة لأنَّه ليس مرفوعًا، أُجيب بأنَّ المكابرة في رفعه مكابرةٌ في المحسوس إذ كونه مرفوعًا غير خافٍ، ويدلُّ له أيضًا ما أخرجه ابن خزيمة من رواية أبي الأشعث عن معتمرٍ بهذا الإسناد: «صلَّيت خلف أبي القاسم فسجد بها»(2)، وما أخرجه الجوزقيُّ من طريق يزيد بن هارون عن سليمان التَّيميِّ بلفظ: «صلَّيت مع أبي القاسم فسجد فيها»(3)، فهو حجَّةٌ على مالكٍ ☼ مُطلَقًا.
          ورواة هذا الحديث السِّتَّة أربعةٌ منهم بصريُّون، وأبو رافعٍ مدنيٌّ، وفيه: ثلاثةٌ من التَّابعين يروي بعضهم عن بعضٍ، والتَّحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلِّف أيضًا في «سجود القرآن» [خ¦1078]، ومسلمٌ وأبو داود والنَّسائيُّ والتِّرمذيُّ في «الصَّلاة».


[1] «السُّورة»: ليس في (م).
[2] في (م): «فسجدتها»، والمثبت موافقٌ لما جاء في صحيح ابن خزيمة.
[3] في (م): «فسجدتها»، وهو كسابقه.