إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث جبير: سمعت رسول الله قرأ في المغرب بالطور

          765- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ المصريُّ(1) (قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ) (2) إمام الأئمَّة، الأصبحيُّ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ) بضمِّ الميم وكسر العين، وقد وقع التَّصريح بالتَّحديث من طريق سفيان عن الزُّهريِّ [خ¦4854] (عَنْ أَبِيهِ) جبير بن مطعم بن عَدِيٍّ (قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ) ولأبي ذَرٍّ: ”سمعت النَّبيَّ“ ( صلعم قَرَأَ) ولابن عساكر: ”يقرأ“ (فِي) صلاة (المَغْرِبِ بِالطُّورِ) أي: بسورة «الطُّور» كلِّها. وقول ابن الجوزيِّ يحتمل أن تكون «الباء» بمعنى «من»(3) كقوله تعالى { عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ }[الإنسان:6] يعني: فيكون المراد: أنَّه ╕ قرأ بعض سورة «الطُّور». واستدلال الطَّحاويِّ لذلك بما رواه من طريق هُشَيْمٍ، عن الزُّهريِّ في حديث جُبَيْرٍ بقوله: فسمعته يقول: { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ }[الطور:7] قال: فأخبر أنَّ الَّذي سمعه من هذه السُّورة هي هذه الآية خاصَّةً مُعارَضٌ بما عند المؤلِّف في «التَّفسير» [خ¦4854] حيث قال: «سمعته يقرأ‼ في المغرب بـ «الطُّور»، فلمَّا بلغ هذه الآية: { أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ }... الآيات إلى قوله: { الْمُصَيْطِرُونَ }[الطور:35-37] كاد(4) قلبي يطير»، وفي رواية أسامة ومحمَّد بن عمرٍو: وسمعته يقرأ { وَالطُّورِ. وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ }[الطور:1-2] وزاد ابن سعدٍ في روايةٍ(5): فاستمعت قراءته حتَّى خرجت من المسجد، على أنَّ رواية هُشَيْمٍ عن الزُّهريِّ بخصوصها مضعفةٌ، وقد كان سماع جُبَيرٍ لقراءته(6) ╕ لما جاء في أسارى بدرٍ كما عند المؤلِّف في «الجهاد» [خ¦3050] وكان ذلك أوَّل ما وقر(7) الإسلام في قلبه كما في «المغازي» [خ¦4023] عند المصنِّف أيضًا.
          ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين مصريٍّ(8) ومدنيٍّ، وفيه: التَّحديث والإخبار(9) والعنعنة والقول والسَّماع، وأخرجه أيضًا في «الجهاد» [خ¦4854] و«التَّفسير» [خ¦3050]، ومسلمٌ وأبو داود في «الصَّلاة»، وكذا النَّسائيُّ فيها، وفي «التَّفسير»، وابن ماجه فيه.


[1] في (د): «البصريُّ»، وهو تحريفٌ.
[2] زيد في (ب) و(س): «الإمام».
[3] في (م): «في»، وليس بصحيحٍ.
[4] في (ص): «كان».
[5] في (ص) و(م): «روايته».
[6] في (م): «لقراءة النَّبيِّ».
[7] في (ص): «أقرَّ».
[8] في (د) و(س) و(م): «بصريٍّ»، وهو تحريفٌ.
[9] «والإخبار»: ليس في (د).