إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث أنس: أن رسول الله ركب فرسًا فجحش شقه

          732- وبالسَّند قال: (حدَّثنا أَبُو اليَمَانِ) الحكم بن نافعٍ البَهْرانيُّ الحمصيُّ (قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابن أبي حمزة الأمويُّ الحمصيُّ (عَنِ الزُّهْرِيّ) محمَّد بن مسلم ابن شهابٍ (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ) ☺ : (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم رَكِبَ فَرَسًا) في ذي الحجَّة سنة خمسٍ من هجرته، وأتى الغابة، فسقط عنها (فَجُحِشَ) بضمِّ الجيم وكسر الحاء المُهْمَلَة ثمَّ شينٍ مُعجَمةٍ، أي: خُدِش (شِقُّهُ الأَيْمَنُ، قَالَ / أَنَسٌ) وللأَصيليِّ: ”أنس بن مالكٍ“ ( ☺ : فَصَلَّى لَنَا يَوْمَئِذٍ صَلَاةً مِنَ الصَّلَوَاتِ، وَهْوَ قَاعِدٌ، فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا، ثُمَّ قَالَ) ╕ (لَمَّا سَلَّمَ: إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا) زاد في «باب إنَّما جُعِل الإمام ليُؤتَمَّ به» [خ¦688]: «وإذا(1) صلَّى جالسًا فصلُّوا جلوسًا أجمعون» وهو منسوخٌ بصلاتهم خلفه قيامًا وهو قاعدٌ في مرض موته (وَإِذَا رَكَعَ؛ فَارْكَعُوا) وفي الرِّواية التَّالية لهذه [خ¦733]: «فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا ركع فاركعوا» فالتَّكبير هنا مقدَّرٌ إذ الرُّكوع يستدعي سبق التَّكبير بلا ريبٍ، فالمقدَّر كالملفوظ، والأمر للوجوب، وتعيَّنت تكبيرة الإحرام دون غيرها بقوله: وافتتاح الصَّلاة المُفَسَّر بمع الشَّروع فيها كما مرَّ، وفي حديث أبي حُمَيْدٍ: كان ╕ إذا قام إلى الصَّلاة اعتدل قائمًا ورفع يديه، ثمَّ قال: «الله أكبر» أخرجه ابن ماجه، وصحَّحَه ابنا خزيمةَ وحبَّان، وحينئذٍ فحصلت المطابقة بين الحديث والتَّرجمة من حيث الجزء الأوَّل منها(2) وهو إيجاب التَّكبير، ومن(3) الجزء الثَّاني بطريق اللُّزوم لأنَّ التَّكبير أوَّل الصَّلاة لا يكون إلَّا عند الشُّروع فيها (وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) أي: أجاب دعاء الحامدين (فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ) أي: بعد قولكم: «سمع الله لمن حمده» فقد ثبت الجمع بينهما من فعله ╕ ، وقد قال: «صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي»، فـ «سمع الله لمن حمده» للارتفاع، و«ربَّنا ولك الحمد» للاعتدال، وسقط لغير أبي ذَرٍّ‼ عن المُستملي «وإذا سجد فاسجدوا»(4).
          ورواة هذا الحديث حمصيَّان ومدنيَّان، وفيه: التَّحديث بالجمع، والإخبار بالجمع والإفراد، والعنعنة، وهذا الحديث والتَّالي له حديثٌ واحدٌ عن الزُّهريِّ عن ثابتٍ، لكنَّه من طريقين: شعيبٌ واللَّيث، فاختصره شعيبٌ، لكنَّه صرَّح الزُّهريُّ فيهما بإخبار أنسٍ، وأتمَّه اللَّيث.


[1] في غير (د): «فإذا».
[2] في (م): «فيها».
[3] «من»: زيادة من (س).
[4] قوله: «وسقط لغير أبي ذَرٍّ عن المُستملي: وإذا سجد فاسجدوا» ليس في (ص) و(م).