إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول

          615- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ (قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ) هو ابن أنسٍ الإمام (عَنْ سُمَيٍّ) بضمِّ أوَّله وتشديد المُثنَّاة التَّحتيَّة آخره (مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ) أي: ابن عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشامٍ القرشيِّ (عَنْ أَبِي صَالِحٍ) ذكوان الزَّيَّات (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ) أي: الأذان (وَ) لو يعلم النَّاس ما في (الصَّفِّ الأَوَّلِ) الَّذي يلي الإمام، أي: «من الخير والبركة» كما في رواية أبي الشَّيخ (ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا) شيئًا من وجوه الأولويَّة بأن يقع التَّساوي، ولأبي ذَرٍّ والأَصيليِّ: ”ثمَّ لا يجدون“(إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا) أي: يقترعوا (عَلَيْهِ) على ما ذكر من الأذان والصَّفِّ الأوَّل (لَاسْتَهَمُوا) أي: لاقترعوا عليه، ولعبد الرَّزَّاق عن مالكٍ: «لاستهموا عليهما» وهو يبيِّن أنَّ المراد بقوله هنا: «عليه» عائدٌ على الاثنين، وعدل في قوله: «لو يعلم النَّاس» عن الأصل، وهو كون شرطها فعلًا ماضيًا إلى المضارع قصدًا لاستحضار صورة المتعلِّق(1) بهذا الأمر العجيب الَّذي يفضي(2) الحرص على تحصيله إلى الاستهام عليه (وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ) أي: التَّبكير إلى الصَّلوات (لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ) أي: إلى التَّهجير (وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي) ثواب أداء (صَلَاةِ(3) العَتَمَةِ) أي: العشاء في الجماعة (وَ) ثواب أداء صلاة (الصُّبْحِ) في الجماعة (لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا) بفتح الحاء المهملة وسكون المُوحَّدة، أي: مشيًا على اليدين والرُّكبتين، أو على مقعدته، وحثَّ عليهما لِما فيهما من المشقَّة على النُّفوس، وتسمية العشاء عتمةً إشارةً إلى أنَّ النَّهي الوارد فيه ليس للتَّحريم، بل لكراهة التَّنزيه.
          ورواة هذا الحديث مدنيُّون إلَّا شيخ المؤلِّف، وفيه: التَّحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه المؤلِّف أيضًا في «الشَّهادات» [خ¦2689]، ومسلمٌ والنَّسائيُّ والتِّرمذيُّ.


[1] في (د): «التَّعليق» وفي (م): «المُعلَّق».
[2] في (د): «يقتضي».
[3] «ثواب أداء صلاة»: سقط من (د).