إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن

          611- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ (قَالَ: أَخْبَرَنَا) وفي روايةٍ: ”حدَّثنا“ (مَالِكٌ) هو ابن أنسٍ الأصبحيُّ، إمام دار الهجرة (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ (عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ) ╩ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ) أي: الأذان‼ (فَقُولُوا) قولًا (مِثْلَ ما يَقُولُ المُؤَذِّنُ) أي: مثل قول المؤذِّن، وكذا / مثل قول المقيم، أي: إلَّا في الحيعلتين، فيقول بدل كلٍّ منهما: لا حول ولا قوَّة إِلَّا بالله، كما يأتي قريبًا تقييده في الحديث الآتي [خ¦613] _إن شاء الله تعالى_ وإلَّا في التَّثويب في الصُّبح، فيقول بدل كلٍّ من كلمتيه: «صدقت وبررت»، قال في «الكفاية»: لخبرٍ ورد فيه، وإلَّا في قوله: قد قامت الصَّلاة، فيقول: أقامها الله وأدامها، وإلَّا إن كان في الخلاء أو يجامع فلا يجيب في الأذان، ويُكرَه في الصَّلاة فيجيب بعدها، وليس الأمر للوجوب عند الجمهور خلافًا لصاحب «المحيط» من الحنفيَّة، وابن وهبٍ من المالكيَّة فيما حُكِيَ عنهما، وعبَّر بالمضارع في قوله: «ما يقول» دون الماضي إشارةً إلى أنَّ قول السَّامع يكون عقب كلِّ كلمةٍ مثلها، لا الكلُّ عند فراغ الكلِّ، ويؤيِّده حديث النَّسائيِّ عن أمِّ حبيبة: «أنَّه صلعم كان إذا كان عندها فسمع المؤذِّنَ قال(1) مثل ما يقول حتَّى يسكت» فلو لم يجبْه حتَّى فرغ استُحِبَّ له التَّدارك إن لم يطلْ الفصل، قاله في «المجموع» بحثًا، وهل إذا أذَّن مؤذِّنٌ آخر يجيبه بعد إجابة الأوَّل أم لا؟ قال النَّوويُّ: لم أرَ فيه شيئًا لأصحابنا، وقال في «المجموع»: المختار أنَّ أصل الفضيلة في الإجابة شاملٌ للجميع، إلَّا أنَّ الأوَّل متأكِّدٌ(2)، ويُكرَه تركه، وقال ابن عبد السَّلام: يجيب كلُّ واحدٍ بإجابةٍ لتعدُّد السَّبب، وإجابة الأوَّل أفضل إلَّا في الصُّبح والجمعة فهما سواءٌ لأنَّهما مشروعان.


[1] في غير (د) و(م): «يقول»، والمثبت موافقٌ لما في «سنن النَّسائيِّ».
[2] في (د): «مُؤكَّدٌ».