عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

{قل هو الله أحد}
  
              

          ░░░112▒▒▒ (ص) سُورَةُ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}.
          (ش) أي: هذا في تفسير بعض شيءٍ مِن (سُورَةِ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}) وتُسمَّى (سورة الإخلاص)، وهي مَكِّيَّةٌ، وقيل: مدنيَّةٌ، وهي سبعةٌ وأربعون حرفًا، وخمس عشرة كلمةً، وأربع آياتٍ، نزلت لمَّا قالت قريشٌ _أو كعب بن الأشرف، أو مالك بن الصَّعب، أو عامر بن الطفيل العامريُّ_: انسُب لنا ربَّك.
          (ص) يُقَالُ: لَا يُنَوَّنُ {أَحَدٌ} أَيْ: وَاحِدٌ.
          (ش) أي: قد يُحذَف التنوين مِن {أَحَدٌ} في حال الوصل، فيقال: (هُوَ اللهُ أَحَدُ اللهُ) كما قال الشاعر:
فَأَلْفَيْتُهُ غَيْرَ مُسْتَعْتَبٍ                     وَلَا ذَاكِرَ اللهَ إِلَّا قَلِيلَا
          قوله: (أَيْ: وَاحِدٌ) تفسير قوله: ({أَحَدٌ}) أراد به: أنَّهُ لا فرقَ بينهما، وهذا قولٌ قاله بعضهم، والصحيح: الفرق بينهما؛ فقيل: (الواحد) بالصفات و(الأحد) بالذات، وقيل: (الواحد) يدلُّ على أزليَّته وأوَّليَّته؛ لأنَّ الواحد في الأعداد ركنها وأصلها ومبدؤها، و(الأحد) يدلُّ على عتَوِيَّتِه عن خلقه في جميع صفاته، [ونفي أبواب الشرك عنه، فالأحد لنفي ما يُذكَر معه مِنَ العدد، والواحد اسمٌ لمفتتح العدد، فأحدٌ يصلح في الكلام في موضع الجحود، والواحد في موضع الإثبات، تقول: لم يأتني منهم أحدٌ، و: جاءني منهم واحدٌ، ولا يقال: جاءني منهم أحدٌ؛ لأنَّك إذا قلت: لم يأتني منهم أحدٌ؛ فمعناه أنَّهُ لا واحد أتاني ولا اثنان، وإذا قلت: جاءني منهم واحدٌ؛ فمعناه أنَّهُ لم يأتني اثنان، وقال ابن الأَنْبَارِيِّ: «أحدٌ» في الأصل «وحدٌ»].