عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

سبأ
  
              

          ░░░34▒▒▒ (ص) سُورَةُ سَبَأ
          (ش) أي: هذا في تفسير بعض (سورة سبأ)، قال مقاتلٌ: مَكِّيَّةٌ غير آيةٍ واحدةٍ: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ} الآية[سبأ:6] وهي أربعة آلافٍ وخمس مئةٍ واثني عشر حرفًا، وثمانُ مئةٍ وثلاثةٌ وثلاثون كلمةً، وخمسٌ وخمسون آية، وروى التِّرْمِذيُّ مِن حديث فروة بن مُسَيك المراديِّ قال: أتيت رسولَ الله صلعم ، فذكر حديثًا فيه: فقال رجلٌ: وما سبأ؟ أرضٌ أم امرأةٌ؟ قال: «ليس بأرضٍ ولا امرأةٍ، ولكنَّه رجلٌ ولد عشرةً مِنَ العرب، فتيامَنَ منهم ستَّةٌ، وتشاءم منهم أربعةٌ، فأَمَّا الذين تشاءموا فلَخْم وجُذَام وغسَّان وعاملة، وأَمَّا الذين تيامنوا فالأزد والأشْعرون وحِمْير وكِندة ومَذحِج وأنمار»، فقال الرجل: وما أنمار؟ قال: «الذين منهم خَثعَم وبَجيلة»، وقال: حديثٌ حسنٌ غريبٌ، وقال ابن إسحاق: سَبَأ اسمه عبد شمس بن يَشْجُب بن يَعْرُب بن قَحْطان بن يقظان بن عابَر _وهو هود_ ابن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح ◙ ، وهو أَوَّل مَن سبى مِنَ العرب، فلُقِّب بذلك، وفي «أدب الخَوَاصِّ»: هذا اشتقاقٌ غيرُ صحيحٍ؛ لأنَّ «سَبَأ» مهموز، و«السَّبي» غير مهموز، والصواب: أن يكون مِن سبأتِ النارُ الجلدَ؛ إذا أحرقته، ومنِ سبأتُ الحُمُر؛ إذا اشتريتَها، وقال أبو العلاء: لو كان الأمر كما يقولون؛ لوجب ألَّا يُهمَز، ولا يمتنع أن يكون أصل «السَّبي» الهمز، إلَّا أنَّهم فرَّقوا بين «سبيت المرأة» و«سبأتُ الحُمُر»، والأصل واحدٌ.
          وفي «التِّيجان»: وهو أَوَّل متوَّجٍ وبنى السَّدَّ المذكور في القرآن، وهو سدٌّ فيه سبعون نهرًا، ونُقِل إليه الشجرُ مِن مسيرة ثلاثة أشهرٍ في ثلاثة أشهرٍ، وبلغ مِنَ العمر خمسَ مئة سنة.
          (ص) ♫
          (ش) لم تثبت البسملة ولفظ (السورة) إلَّا لأبي ذرٍّ، وسُمِّيت هذه السورة سبأ؛ لقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسَاكِنِهِمْ} الآية[سبأ:15].
          (ص) {مُعَاجِزِينَ} مُسَابِقِينَ. {بِمُعْجِزِينَ} بِفَائِتِينَ. (مُعَاجِزِي) مُسَابِقِي. {مُعَاجِزِينَ} مُغَالِبِينَ. {سَبَقُوا} فَاتُوا. {لَا يُعْجِزُونَ} لَا يَفُوتُونَ. {يَسْبِقُونَا} يُعْجِزُونَا. وَقَوْلُهُ: {بِمُعْجِزِينَ} بِفَائِتِينَ، وَمَعْنَى: {مُعَاجِزِينَ} مُغَالِبِينَ، يُرِيدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُظْهِرَ عَجْزَ صَاحِبِهِ.
          (ش) وفي بعض النُّسَخ: <يقال: {مُعَاجِزِينَ}>، وأشار بقوله: ({مُعَاجِزِينَ}) إلى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ}[سبأ:5] وفسَّره بقوله: (مُسَابِقِينَ)، وفي التفسير: {مُعَاجِزِينَ} مسابقين يحسبون أنَّهم يفوتونَنا، وعن ابن زيدٍ: جاهدين، وفي هذه اللفظة قراءتان؛ إحداهما: {مُعَاجِزِينَ} وهي قراءة الأكثرين في موضعين مِن هذه السورة وفي (الحجِّ) والأخرى: قراءة ابن كثيرٍ وأبي عَمْرو: {مُعَجِّزين} التشديد، ومعناهما واحدٌ، وقيل: معنى {مُعَاجِزِينَ} معاندين ومغالبين، ومعنى {مُعَجِّزين} ناسِبِين غيرَهم إلى العجز.
          قوله: ({بِمُعْجِزِينَ}) إشارةٌ إلى قوله تعالى في (سورة العنكبوت) : {وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء} فسَّره بقوله: (بِفَائِتِينَ)، وقد أخرج ابن أبي حاتمٍ بإسنادٍ صحيحٍ عن ابن الزُّبَير نحوَه.
          قوله: («مُعَاجِزِي» مُسَابِقِي) لم يثبت في رواية الأصيليِّ وكريمة.
          قوله: ({مُعَاجِزِينَ} مُغَالِبِينَ) كذا وقع مكرَّرًا في رواية أبي ذرٍّ وحدَه، ولم يوجد في رواية الباقين.
          قوله: ({سَبَقُوا} فَاتُوا. {لَا يُعْجِزُونَ} لَا يَفُوتُونَ) إشارةٌ إلى قوله تعالى في (سورة الأنفال) : {وَلَا تَحْسِبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا}[الأنفال:59] وفسَّره بقوله: فاتوا ({إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ}) أي: لا يفوتون.
          قوله: ({يَسْبِقُونَا}) إشارةٌ إلى قوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ / أَن يَسْبِقُونَا}[العنكبوت:4] وفسَّره بقوله: (يُعْجِزُونَا) أي: أن يعجزونا.
          قوله: (وَقَوْلُهُ: {بِمُعْجِزِينَ}) مكرَّرٌ، وفسَّره بقوله: (بِفَائِتِينَ).
          قوله: (وَمَعْنَى {مُعَاجِزِينَ}...) إلى آخره: أشار به إلى أنَّ {مُعَاجِزِينَ} مِن باب المفاعلة، وهو يستدْعِي المشاركةَ بين اثنين.
          (ص) {مِعْشَارٌ} عُشْرٌ.
          (ش) أشار به إلى قوله: {وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ}[سبأ:45] وفسَّره بقوله: (عُشْرٌ) أي: ما بلغوا عُشْر ما أعطيناهم، وقال الفَرَّاء: المعنى: وما بلغ أهلُ مكَّة معشارَ الذين أهلكناهم مِن قبلهم مِنَ القوَّة والجسم والولد والعدد.
          (ص) الأُكُلُ: الثَّمَرُ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ}[سبأ:16] وفسَّر (الأُكُلُ) بـ(الثَّمَرُ) أراد: أنَّ الأُكُل الجَنْيَ _بفتح الجيم_ بمعنى الثمرة، وفي التفسير: الأُكُلُ: الثَّمَرُ، والخَمْطُ: الأراك، قاله أكثر المفسِّرين، وقيل: هو كلُّ شجر ذات شوكٍ، وقيل: شجرة العضاه، والأَثْل: هو الطَّرْفاء، قاله ابن عَبَّاسٍ.
          (ص) {بَاعِدْ} وَ{بَعِّدْ} وَاحِدٌ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا}[سبأ:19] وقال: إنَّ معنى: ({بَاعِدْ} وَ{بَعِّدْ} وَاحِدٌ)، و{بَاعِدْ} قراءة الأكثرين، و{بَعِّدْ} بالتشديد قراءة أبي عَمْرٍو وابن كثيرٍ.
          (ص) وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لَا يَعْزُبُ} لَا يَغِيبُ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ} الآية[سبأ:3] وفسَّر ({لَا يَعْزُبُ}) بقوله (لَا يَغِيبُ) وروى هذا التعليقَ أبو مُحَمَّدٍ الحَنْظَلِيُّ عن أبي سعيدٍ الأشجِّ: حَدَّثَنَا عُبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، عن ابن عَبَّاسٍ: {لَا يَعْزُبُ} لا يغيب عن ربِّك.
          (ص) (الْعَرِمُ) السُّدُّ، مَاءٌ أَحْمَرُ أَرْسَلَهُ اللهُ فِي السُّدِّ، فَشَقَّهُ وَهَدَمَهُ وَحَفَرَ الْوَادِيَ، فَارْتَفَعَتَا عَنِ الْجَنَّتَيْنِ، وَغَابَ عَنْهُمَا الْمَاءُ فَيَبِسَتَا، وَلَمْ يَكُنِ الْمَاءُ الأَحْمَرُ مِنَ السُّدِّ، وَلَكِنْ كَانَ عَذَابًا أَرْسَلَهُ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَيْثُ شَاءَ.
          وَقَالَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيل: الْعَرِمُ: الْمُسَنَّاةُ بِلَحْنِ أَهْلِ الْيَمَنِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْعَرِمُ: الْوَادِي.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ} الآية[سبأ:16] وفسَّر ({الْعَرِمُ}) بقوله: (السُّدُّ...) إلى آخره، قال صاحب «التلويح»: هذا وجدناه منقولًا عن مجاهدٍ، قال ابن أبي حاتمٍ: حَدَّثَنَا حَجَّاج بن حمزة: حدَّثنا شبابة: حدَّثنا ورقاء عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهد... فذكره، فلا أدري أهو مِن قول البُخَاريِّ أو هو معطوفٌ على ما علَّقه عن مجاهدٍ قبلُ؟ والله أعلم، وبيَّن السُّهيليُّ أنَّهُ مِن كلام البُخَاريِّ لا مِن كلام غيره.
          قُلْت: رواية ابن أبي حاتمٍ توضِّح أنَّهُ مِن قول مجاهد؛ لأنَّ البُخَاريَّ مسبوقٌ به، فافهم، والله أعلم.
          و(السُّدُّ) بِضَمِّ السين وتشديد الدَّال، كذا هو في رواية الأكثرين، وفي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي: <الشديد> بالشين المُعْجَمة، على وزن (عظيم).
          قوله: (فَشَقَّهُ) مِنَ الشقِّ؛ بالشين المُعْجَمة والقاف، هكذا في رواية الأكثرين، وذكر عياضٌ: أنَّ في رواية أبي ذرٍّ: <فبثقه> بفتح الباء المُوَحَّدة والثاء المُثَلَّثة، قال: وهو الوجه، تقول: بثقتُ النهر؛ إذا كسرتَه لتصرفَه عن مجراه.
          قوله: (فَارْتَفَعَتَا عَنِ الْجَنَّتَيْنِ) كان القياس أن يقال: فارتفعت الجنتَّان عنِ الماء، ولكنَّ المرادَ مِنَ الارتفاع الانتفاءُ والزوال؛ يعني: ارتفع اسمُ الجنَّة عنهما، فتقديره: ارتفعت الجنَّتان عن كونهما جنَّةً، وقال الزَّمَخْشَريُّ: وتسميةُ البدل جنَّتينِ على سبيل المشاكَلة، هذا كلُّه في رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي، وفي رواية الأكثرين: <فارتفعت على الجَنَبَتَين > بفتح الجيم والنون الخفيفة والباء المُوَحَّدة والتاء المُثَنَّاة من فوق والياء آخر الحروف ثُمَّ النون.
          قوله: (وَلَمْ يَكُنِ الْمَاءُ الأَحْمَرُ مِنَ السُّدِّ) بِضَمِّ السين المُهْمَلة وتشديد الدال، كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية المُسْتَمْلِي: <مِنَ السَّيل >، وعند الإسماعيليِّ: (مِنَ السُّيول).
          قوله: (وَقَالَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيل) بِضَمِّ الشين المُعْجَمة وفتح الراء وسكون الحاء المُهْمَلة وكسر الباء المُوَحَّدة وسكون الياء آخر الحروف وباللَّام، الهمدانيُّ الكوفيُّ، يُكْنَى أبا مَيْسَرة.
          قوله: (الْمُسَنَّاةُ) بِضَمِّ الميم وفتح السين المُهْمَلة وتشديد النون، كذا هو مضبوطٌ في أكثر الروايات، وكذا هو في أكثر كتب أهل اللُّغة، وضُبِط في رواية / الأصيليِّ بفتح الميم وسكون السين وتخفيف النون، وقال ابن التين: معنى «الْمُسَنَّاة» ما يُبْنَى في عُرْضِ الوادي ليرتفع السيل ويفيضَ على الأرض، قال: إنَّها عند أهل العراق كالرُّتبة تُبْنَى على سيف البحر لتمنع الماء.
          قوله: (بِلَحْنِ أَهْلِ الْيَمَنِ) أي: بلغة أهل اليمن، وهذا أسنده عبدُ بن حُمَيدٍ عن يحيى بن عبد الحميد، عن شَريكٍ، عن أبي إسحاق عنه، وقال: (بِلِسانِ اليَمَن) بدل (بِلَحْنِ).
          قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ) أي: غير عَمْرو بن شُرَحْبِيل: (الْعَرِمُ: الْوَادِي) وهو قول عطاءٍ، وقيل: هو اسم الجُرَذ الذي أُرسِل إليهم وخرَّب السُّدَّ، وقيل: هو الماء، وقيل: المطر الكثير، وقيل: إنَّهُ صفة السَّيل، مِنَ العرامة؛ وهو ذهابه كلَّ مذهبٍ، وقال أبو حاتمٍ: هو جمعٌ لا واحدَ له مِن لفظه، وفي كتاب «مغائص الجوهَر»: قال ابنُ شَريَّة: في زمن إياس بن رُحَبْعُم بن سليمان بن داود ♂ بعث الله رجلًا مِنَ الأزد، يقال له: عَمْرو بن الحُجر، وآخر يقال له: حنظلة بن صفوان، وفي زمنه كان خرابُ السُّدِّ، وذلك أنَّ الرُّسُلَ دعت أهلَه إلى الله فقالوا: ما نعرف لله علينا مِن نعمةٍ، فإن كنتم صادقين فادعوا اللهَ علينا وعلى سُدِّنا، فدعَوا عليهم، فأرسل الله تعالى عليهم مطرًا جَوْدًا أحمر كأنَّ فيه النارَ، أمامه فارسٌ، فلمَّا خالط الفارسُ السُّدَّ انهدم، ودفن بيوتَهم الرملُ، وفُرِّقُوا ومُزِّقوا حَتَّى صاروا مثلًا عند العرب، فقالت: تفرَّقوا أيدي سبأ وأيادي سبأ.
          (ص) السَّابِغَاتُ: الدُّرُوعُ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ. أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ}[سبأ:11] وفسَّرها بـ(الدُّرُوعُ) وكذا فسَّره أبو عُبَيْدةَ، وزاد: واسعةٌ طويلةٌ، وفي التفسير: دروعًا كواملَ واسعاتٍ، وأنَّ داود ◙ أَوَّلُ مَن عملها.
          (ص) وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {يُجَازَى} يُعَاقَبُ.
          (ش) أي: قال مجاهدٌ في قوله تعالى: {وَهَلْ يُجَازَى إِلَّا الْكَفُورَ}[سبأ:17] وفسَّر ({يُجَازَى}) بقوله: (يُعَاقَبُ) وكذا رواه ابن أبي حاتمٍ مِن طريق ابن أبي نَجيحٍ عنه.
          (ص) {أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ} بِطَاعَةِ الله {مَثْنَى وَفُرَادَى} وَاحِدًا وَاثْنَيْنِ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {قُلْ إِنَّما أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى} الآيَةَ[سبأ:46] وفي التفسير: {أَعِظُكُم} أي: آمركم وأُوصِيكم {بِوَاحِدَةٍ} أي: بخصلةٍ واحدةٍ وهي {أَن تَقُومُوا لِلَّهِ} و{أن} في محلِّ الخفض على البيان في (واحدة) والترجمةِ عنها ({مَثْنَى}) اثنين اثنين متناظِرَين ({وَفُرَادَى}) واحدًا واحدًا متفكِّرين، والتفكُّر: طلب المعنى بالقلب، وقيل: {مَثْنَى وَفُرَادَى} أي: جماعةً ووحدانًا، وقيل: مناظرًا مع غيره ومفتكِّرًا في نفسه.
          قوله: (وَاحِدًا وَاثْنَيْنِ) قال الكَرْمَانِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: معنى: {مَثْنَى وَفُرَادَى} مكرَّرٌ، فلِمَ ذُكِر مَرَّةً واحدةً؟ قُلْت: المراد التَّكرار، ولشهرته اكتفى بواحدٍ منه.
          (ص) {التَّنَاوُشُ} الرَّدُّ مِنَ الآخِرَةِ إِلَى الدُّنْيَا.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}[سبأ:52] وفسَّره بقوله: (الرَّدُّ مِنَ الآخِرَةِ إِلَى الدُّنْيَا)، وعن ابن عَبَّاسٍ: يتمنَّون الردَّ، وليس بحين ردٍّ.
          (ص) {وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} مِنْ مَالٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ زَهْرَةٍ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ}[سبأ:54] وهكذا رُوِي عن مجاهدٍ، وقال الحسن: وحيل بينهم وبين الإيمان لمَّا رأوا العذابَ، وفي التفسير: {وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} الإيمان والتوبة في وقت البَأْس.
          قوله: (أَوْ زَهْرَةٍ) أي: زينة الحياة الدنيا وغضارتها وحُسْنها.
          (ص) {بِأَشْيَاعِهِمْ} بِأَمْثَالِهِمْ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم}[سبأ:54] وفسَّره (بِأَمْثَالِهِمْ) و(أشياعهم) أهل دينِهم وموافقيهم مِنَ الأمم الماضية، حين لم يَقبَل منهم الإيمان والتوبة في وقت البَأْس.
          (ص) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كَالْجَوَابِ} كَالْجَوْبَةِ مِنَ الأَرْضِ.
          (ش) أي: قال ابن عَبَّاسٍ في قوله تعالى: {وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ}[سبأ:13] وفسَّرها بقوله: (كَالْجَوْبَةِ مِنَ الأَرْضِ) وأسند هذا التعليقَ ابنُ أبي حاتم، عن أبيه، عن أبي صالحٍ، عن معاوية، عن عليِّ بن أبي طلحة، عن ابن عَبَّاسٍ، وقال مجاهدٌ: الجَوَاب: حياض الإبل، وأصله في اللُّغة مِنَ الجابية، وهي الحوض الذي يُجْبَى فيه الشيءٌ؛ أي: يُجمَع، وقيل: إنَّهُ كان يجتمع على جفنةٍ / واحدةٍ ألفُ رجلٍ، و(الجِفَان) جمع (جفنة)، وهي القصعة، و(الجَوَاب) جمع (جابية)، كما مرَّ.
          (ص) الْخَمْطُ: الأَرَاكُ، وَالأُثْلُ: الطَّرْفَاءُ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ}[سبأ:16] وفسَّر (الْخَمْطُ) بـ(الأَرَاكُ) وهو الشجر الذي يُستَعمل منه المساويك، وهو قول مجاهدٍ والضَّحَّاك، وقال أبو عُبَيْدةَ: الْخَمْطُ: كلُّ شجرةِ فيها مرارةٌ ذات شوكٍ، وقال ابن فارسٍ: كلُّ شجرٍ لا شوكَ له.
          (ص) {الْعَرِمُ} الشَّدِيدُ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {سَيْلَ الْعَرِمِ}[سبأ:16] وفسَّره بـ(الشَّدِيد) وقد مرَّ فيما مضى.