عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

المجادلة
  
              

          ░░░58▒▒▒ (ص) سورة الْمُجَادِلَةُ.
          (ش) أي: هذا في تفسير بعض (سورة المجادِلة)، كذا وقع للنَّسَفِيِّ وأَبيْ نُعَيْمٍ والإسماعيليِّ، وسقط لغيرهم.
          قال أبو العَبَّاسِ: مدنيَّةٌ بلا خلافٍ، وقال السَّخَاويُّ: نزلت قبل «الحُجُرات» وبعد «المنافقين»، وهي ألفٌ وسبعُ مئةٍ واثنان وسبعون حرفًا، وأربعُ مئةٍ وثلاثٌ وسبعون كلمةً، واثنتان وعشرون آيةً.
          وفي «تفسير عبد بن حُمَيدٍ»: اسمُ هذه المجادِلة خُوَيلة، قاله مُحَمَّدُ بن سِيرِين، وكان زوجُها ظاهَرَ منها، وهو أَوَّلُ ظِهارٍ كان في الإسلام، وقال أبو العالية: هي خَولَةُ بنت دُلَيج، وقال عِكْرِمَة: هي خولةُ بنتُ ثعلبةَ، وزوجُها أوسُ بنُ الصامتِ، أخو عبادةَ بنِ الصامتِ، وسمَّاها مجاهدٌ جميلةَ، وسمَّاها ابنُ منده خولة بنت الصامت، وقال أبو عُمَرَ: خولةُ بنتُ ثعلبةَ بن أَصْرَم بن فِهْر بن ثَعْلَبَةَ بنِ غَنْمِ بن عَوْفٍ، وأَمَّا عروةُ ومُحَمَّدُ بنُ كعبٍ وعِكرمةُ؛ فقالوا: خَولةُ بنت ثعلبةَ، كانت تحت أوسِ بن الصامتِ أخي عُبَادَةَ بن الصامت، وظَاهَرَ منها، وفيها نزلت: {قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}... إلى آخر القصة في الظهار، وقيل: إنَّ التي نزلت فيها هذه الآيةُ جميلةُ امرأة أوسِ بنِ الصامت، وقيل: بل هي خُوَيلةُ بنتُ دُلَيج، ولا يثبتُ شيءٌ مِن ذلك.
          (ص) {يُحَادُّونَ} يُشَاقُّونَ اللهَ.
          (ش) أشار به إلى قولِه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ} الآيَةَ [المجادلة:5]؛ أي: (يُشَاقُّونَ اللهَ) ويعادُون، رواه عبدُ بنُ حُمَيدٍ: حَدَّثَنَا شَبابَةُ عن ورقاء، عنِ ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ.
          (ص) {كُبِتُوا} أُخْزِيُوا.
          (ش) أشار به إلى قولِه تعالى: {كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ}[المجادلة:5]، وفسَّر {كُبِتُوا} بقوله: (أُخْزِيُوا، مِنَ الْخِزْيِ)، كذا في رواية أبي ذرٍّ، وفي رواية النَّسَفِيِّ: <أُحزِنُوا> بالمُهْمَلة والنون، وقيل: أُذِلُّوا، وقيل: أُهْلِكُوا، وقيل: أُغِيظوا، وأصلُ التاء فيه دالٌ، يُقَال: كُبِدَ؛ إذا أصابه وجعٌ في كَبِده، ثُمَّ أُبْدِلَت تاءً؛ لقُربِهما في المخرج.
          (ص) {اسْتَحْوَذَ} غَلَبَ.
          (ش) أشار به إلى قولِه تعالى: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ}[المجادلة:19] أي: (غَلَبَ) عليهم، وكذا رُوِيَ عن أبي عُبَيدةَ، وحُكِيَ عن قراءةِ عُمَرَ ☺ : {اسْتَحَاذَ} بوزن: (استقام)، وهو على القاعدة، وأَمَّا {استحوذ} فَإِنَّهُ أحدُ ما جاء على الأصل مِن غير إعلالٍ، ولم يَذْكُر في هذه السورةِ ولا في التي قبلَها حديثًا مرفوعًا.