عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

{إذا السماء انشقت}
  
              

          ░░░84▒▒▒ (ص) سُورَةُ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}
          (ش) أي: هذا في تفسير بعض (سورة {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ}) وفي بعض النُّسَخ لم يذكر لفظ: (سورة)، وتُسمَّى أيضًا (سورة الانشقاق) و(سورة الشَّفَق)، وهي مَكِّيَّةٌ، وهي أربعُ مئةٍ وثلاثون حرفًا، ومئةٌ وسبع كلماتٍ، وثلاثٌ وعشرون آيةً.
          (ص) {كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ} يَأْخُذُ كِتَابَهُ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ.
          (ش) معنى أَخْذُ كتابه بشماله: أنَّهُ يأخذه مِن وراء ظهره، وفسَّره مجاهدٌ في قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ}[الانشقاق:1] أنَّهُ تُغَلُّ يدُه اليمنى إلى عنقه، وتُجعَل يده الشمال وراء ظهره، فيؤتي كتابه مِن وراء ظهره، وعن مجاهدٍ أيضًا: أنَّهُ تُخلَع يده مِن وراء ظهره.
          (ص) وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أذِنَتْ} سَمِعَتْ وَأطَاعَتْ لِرَبِّهَا {وَألْقَتْ مَا فِيهَا} أَخْرَجَتْ مَا فِيهَا مِنَ المَوْتَى {وَتَخَلَّتْ} عَنْهُمْ.
          (ش) أي: قال مُجاهدٌ في قوله تعالى: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ. وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ. وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ}[الانشقاق:2-4] وفسَّر قوله: ({أذِنَتْ}) بقوله: (سَمِعَتْ وِأَطَاعَتْ)، وفسَّر قوله: ({وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا}) بقوله: (أَخْرَجَتْ مَا فِيهَا مِنَ المَوْتَى)، وقال الثَّعْلَبيُّ: مِنَ الكنوز والموتى.
          قوله: ({وَتَخَلَّتْ}) أي: خلت، فليس في بطنها شيءٌ، وهذا كلُّه للنَّسَفِيِّ.
          (ص) {وَسَقَ} جَمَعَ مِنْ دَابَّةٍ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}[الانشقاق:17] وفسَّره بقوله: (جَمَعَ مِنْ دَابَّةٍ)، وقال مُجاهدٌ: وما أوى فيها مِن دابَّةٍ، وعن عِكْرِمَة: وما جمع فيها مِن دوابٍّ وعقارب وحيَّاتٍ، وعن مقاتلٍ: وما ساق مِن ظلمةٍ، وقوله: ({وَسَقَ}) مِن وَسَقْتُه أَسِقُه وَسْقًا؛ أي: جمعته، ومنه قيل للطعام الكثير المجتمع: وَسْقٌ، وهو ستذُون صاعًا، وطعامٌ موسوقٌ؛ أي: مجموعٌ في غرارة، ومركبٌ موسوقٌ: إذا كان مشحونًا بالخَلْق أو بالبضائع.
          (ص) {ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} أَنْ لَا يَرْجِعَ إِلَيْنَا.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {إنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ}[الانشقاق:14] وفسَّره بقوله: (أَنْ لَا يَرْجِعَ إِلَيْنَا) وهو مِن الحَوْر، وهو الرجوع، ويقال: حاورت فلانًا؛ أي: راجعته، ويُطلَق على التردُّد في الأمر.
          (ص) وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: {يُوعُونَ} يَشْتَرُونَ.
          (ش) أي: قال ابن عَبَّاسٍ في قوله ╡ : {وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ}[الانشقاق:23] أي: يشترون، ورواه ابن أبي حاتمٍ مِن طريق عليِّ ابن أبي طلحة عنه، وعن مجاهدٍ: يكتمون، وعن قتادة: يزعمون في صدورهم، وهذا ثبت للنَّسَفِيِّ وحده.