عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

طه
  
              

          ░░░20▒▒▒ (ص) بَابُ سُورَةُ طه
          ليس في كثيرٍ من النُّسَخ لفظ: (باب) أي: هذا بابٌ في تفسير بعض (سورة طه)، قال مقاتلٌ: مَكِّيَّةٌ كلُّها، وكذا ذكره ابن عَبَّاسٍ وابن الزُّبَير ♥ ، فيما ذكره ابن مردويه، وفي «مقامات التنزيل»: مَكِّيَّةٌ كلُّها، لم يُعرَف فيها اختلافٌ إلَّا ما ذُكِر عن الكلبيِّ في غير رواية أبي بكرٍ أنَّهُ قال: {وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى}[طه:130] نزلت بالمدينة، وهي في أوقات الصلوات، وهي مئةٌ وخمسٌ وثلاثون آية، وألفٌ وثلاث مئة وإحدى وأربعون كلمة، وخمسةُ آلاف ومئتان واثنان وأربعون حرفًا.
          (ص) ♫
          قَالَ ابنُ جُبَيرٍ: بِالنَّبَطِيَّةِ: طه: يَا رَجُلُ.
          (ش) أي: قال سعيد بن جُبَيرٍ: معنى {طه} بالنَّبَطيَّة: يا رجل، و(النبطيَّة) منسوبٌ إلى النَّبَط _بفتح النون والباء المُوَحَّدة وبالطاء المُهْمَلة_ قومٌ ينزلون البطائح بين العراقَين، وكثيرًا يُستَعمل ويراد به الزرَّاعون، والمذكور هو رواية قومٍ، وفي رواية أبي ذرٍّ والنَّسَفِيِّ: <بِسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحِيمِ، قال عِكْرِمَة والضَّحَّاك: بالنبطيَّة أي: {طه} أي: يا رجل>.
          وتعليق عِكْرِمَة وصله ابن أبي حاتمٍ من رواية حصين بن عبد الرَّحْمَن عن عِكْرِمَة في قوله: {طَه} أي: يا طه يا رجل، وتعليق الضَّحَّاك وصله الطَّبَريُّ مِن طريق قرَّة بن خالدٍ عن الضَّحَّاك بن مُزَاحمٍ في قوله: {طَه} قال: يا رجل بالنَّبطيَّة، انتهى، ومثل قول ابن جُبَيرٍ رويَ عن ابن عَبَّاس والحسن وعطاءٍ وأبي مالكٍ ومجاهدٍ وقتادة ومُحَمَّد بن كعبٍ والسُّدِّيِّ وعطيَّة وابن أَبْزَى، وفي «تفسير مقاتل»: {طَه}: يا رجل بالسريانيَّة، وقال الكلبيُّ عن ابن عَبَّاسٍ: نزلت بلغة عكٍّ: يا رجل، وعند ابن مردويه بسندٍ صحيحٍ عن ابن عَبَّاسٍ: {يس} بالحبشيَّة: يا إنسان، و{طَه} بالنبطيَّة: يا رجل، وقيل: معنى {طَه}: يا إنسان، وقيل: هي حروفٌ مقطَّعةٌ لمعانٍ، قال الواسطيُّ: أراد: يا طاهر يا هادي، وعن أبي حاتمٍ: {طَه} استفتاح سورةٍ، وقيل: هو قَسَمٌ أقسم الله به، وهي مَن أسماء الله ╡ ، وقيل: هو مَن الوطء، والهاء كنايةٌ عن الأرض؛ أي: اعتمِد على الأرض بقَدَمِك، ولا تُتعِب نفسَك بالاعتماد على قَدَمٍ واحدةٍ، وهو قوله تعالى: {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى}[طه:2] نزلت الآية فيما كان صلعم يتكلَّفه مِنَ السهر والتعب وقيام الليل، وقال اللَّيث: بلغنا أنَّ موسى ◙ لمَّا سمع كلام الربِّ تعالى استفزَّه الخوف، حَتَّى قام على أصابع قدميه خوفًا، فقال ╡ : {طَه} أي: اطمئنَّ، قال الأزهريُّ: لو كان كذلك لقال: طأها؛ أي: طأِ الأرض بقدمك، وهي مهموزة، وفي «المعاني» للفرَّاء: هو حرف هجاءٍ، وحدَّثني قيسٌ قال: حدَّثني عاصمٌ عن زرٍّ قال: قرأ رجلٌ على ابن مسعودٍ ☺ : {طَه} فقال له عبد الله: {طِهِ} فقال الرجل: يا با عبد الرَّحْمَن؛ أليس إِنَّما أُمِر أن يطأ قدمه؟ قال: فقال عبد الله: {طِهِ} هكذا أقرأنيها رسول الله صلعم ، وزاد في «تفسير ابن مردويه»: وكذا نزل بها جبريل ◙ بكسر الطاء والهاء، قال: وكان بعض القرَّاء يقطعها: «طا ها»، وقرأ أبو عَمْرو بن العلاء: {طَاهِ}، قال الزجَّاج: يُقرَأ {طَهَ} بفتح الطاء والهاء، و{طِهِ} بكسرهما، و{طَهْ} بفتح الطاء وسكون الهاء، و{طَهِ} بفتح الطاء وكسر الهاء.
          (ص) وَقَالَ مُجاهِدٌ: {ألْقَى} صَنَعَ.
          (ش) / أي: قال مجاهدٌ في قوله تعالى: {قَالُوا يَا مُوسَى إمَّا أَن تُلْقِيَ وإمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّل مَنْ أَلْقَى}[طه:65] أي: (صَنَعَ)، وقد مرَّ هذا في (قصَّة موسى ◙ ) في (أحاديث الأنبياء ‰ )، وكذلك تأتي لفظة {أَلْقَى} في قوله: {فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ}[طه:87] وفسَّر هناك أيضًا بقوله: (صَنَع)، والمفسِّرون فسَّروا كليهما مِنَ الإلقاء، وهو الرمي.
          (ص) يُقَالُ: كُلُّ مَا لَمْ يَنْطِقْ بِحَرْفٍ أَوْ فِيهِ تَمْتَمَةٌ أَوْ فَأْفَأَةٌ؛ فَهْوَ عُقْدَةٌ.
          (ش) أشار بذلك إلى تفسير {عُقْدَةً} في قوله تعالى: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي}[طه:27] [وفسَّر (العقدة) بما ذَكَره، وقال ابن عَبَّاسٍ: يريد موسى ◙ : أطلِقْ عن لساني] العقدة التي فيه حَتَّى يفهموا كلامي، و(التمتمة) التردُّد بالتاء في الكلام، و(الفأفأة) التردُّد بالفاء.
          (ص) {أَزْرِي} ظَهْرِي.
          (ش) أشار به إلى قوله: {هَارُونَ أَخِي. اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي. وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي}[طه:30-32] وفسَّر (الأزر) بالظهر، وفي التفسير: الأَزْرُ: القوَّة والظهر، يقال: أَزَرْتُ فلانًا على الأمر؛ أي: قوَّيتُه عليه، وكنتُ له فيه ظَهرًا.
          (ص) {فَيَسْحَتَكُمْ} يُهْلِكَكُمْ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {لَا تَفْتَرُوا عَلَى الله كَذِبًا فَيَسْحَتَكُمْ بِعَذَابٍ} الآية[طه:61] وفسَّر (يَسْحَتَكُمْ) بقوله: (يُهْلِكَكُمْ) وفي التفسير: أي: يستأصلكم، يقال: سحته الله وأسحته؛ أي: استأصله وأهلكه، وقرأ حمزة والكسائيُّ وحفصٌ عن عاصم بِضَمِّ الياء، والباقون بالفتح؛ لأنَّ فيه لغتينِ بمعنًى واحدٍ.
          (ص) {الْمُثْلَى} تَأْنِيثُ (الأَمْثَلِ)، يَقُولُ: بِدِينِكُمْ، يُقَالُ: خُذِ الْمُثْلَى، خُذِ الأَمْثَلَ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى}[طه:63] وقال: ({الْمُثْلَى}: تَأْنِيثُ الأَمْثَلَ) وفسَّر قوله: {وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى} بمعنى يذهبا بدينكم، وقد أخبر الله تعالى عن فرعون أنَّهُ قال: إنَّ موسى وهارون ♂ {يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى}[طه:63] يعني: بدينكم، وهكذا فسَّره الكسائيُّ أيضًا.
          قوله: (يُقَالُ: خُذِ الْمُثْلَى) أي: خُذِ الطريقة المثلى؛ أي: الفضلى، و(خُذِ الأَمْثَلَ) أي: الأفضل، يقال: فلانٌ أمثلُ قومه؛ أي: أفضلُهم.
          (ص) {ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا} يُقَالُ: هَلْ أَتَيْتَ الصَّفَّ الْيَوْمَ؟ يَعْنِي: الْمُصَلَّى الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ.
          (ش) أشار به إلى قوله ╡ : {فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا}[طه:64].
          وأشار بقوله: (يُقَالُ...) إلى آخره أنَّ معنى: ({صَفًّا}) مُصلًّى ومجتَمَعًا، وكذا قال أبو عُبَيْدةَ، وعن مقاتلٍ والكلبيِّ: معناه: جمعًا، حاصل المعنى: أنَّ فرعون يقول لقومه: أجمعوا {كَيْدَكُم} أي: مكركم وسحركم، {ثُمَّ ائْتُوا صَفًا} يعني: مُصلًّى، وهو مجمع الناس، وحكي عن بعض العرب الفصحاء: ما استطعت أنَّ آتي الصفَّ أمس؛ أي: المصلَّى.
          (ص) {فَأَوْجَسَ} أَضْمَرَ خَوْفًا، فَذَهَبَتِ الْوَاوُ مِنْ {خِيفَةً} لِكَسْرَةِ الْخَاءِ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى}[طه:67] وفسَّر (أوجس) بقوله: (أَضْمَرَ).
          قوله: (خَوْفًا) أي: لأجل الخوف، وقال مقاتلٌ: إِنَّما خاف موسى ◙ إذ صنع القوم مثلَ صنعه أن يشكُّوا فيه فلا يتَّبعوه، ويشكُّ مَن تابعه فيه.
          قوله: (فَذَهَبَتِ الْوَاوُ...) إلى آخره، قال الكَرْمَانِيُّ: ومثل هذا لا يليق بجلالة هذا الكتاب أن يُذكَر فيه.
          قُلْت: إِنَّما قال هذا الكلام لأنَّه مخالفٌ لما قاله أهل الصرف على ما لا يخفى.
          (ص) {فِي جُذُوعِ} أَيْ: عَلَى جُذُوعِ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}[طه:71] وأشار به إلى أنَّ كلمة {فِي} بمعنى (عَلَى)، كما في قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ}[الطور:38] أي: عليه.
          (ص) {خَطْبُكَ} مَا لَكَ؟
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ}[طه:95] وفسَّره بقوله: (مَا لُكَ)، وفي التفسير: قال موسى ◙ للسامريِّ: {فَمَا خَطْبُكَ؟} أي: فما أمرك وشأنك الذي دعاكَ وحملَك على ما صنعتَ؟
          (ص) {مِسَاسَ} مَصْدَرُ مَاسَّهُ مِسَاسًا.
          (ش) أشار به إلى قوله ╡ : {قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ} الآية [طه:97] ولم يذكر معناه، وإِنَّما قال: {مِسَاسَ}، مَصْدَرُ مَاسَّهُ يماسُّه مماسَّةً ومِسَاسًا، والمعنى: أنّض موسى ◙ ، قال للسامريِّ: اذهب مِن بيننا {فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ} أي: ما دمت حيًّا {أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ} أي: لا أَمَسُّ ولا أُمَسُّ، فعاقبه الله في الدنيا بعقوبةٍ لا شيءَ أشدُّ وأوحش منها، وذلك لأنَّه مُنِع مِن مخالطة الناس منعًا كليًّا، وحرَّم عليهم ملاقاته ومكالمته.
          (ص) {لَنَنْسِفَنَّهُ} لَنُذَرِّيَنَّهُ.
          (ش) أشار به إلى / قوله تعالى: {لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا}[طه:97] وفسَّر ({لَنَنْسِفَنَّهُ}) بقوله: (لَنُذَرِّيَنَّهُ) مِنَ التذرية، وفي التفسير: أنَّ موسى أخذ العجلَ فذبحه، فسال منه الدمُّ؛ لأنَّه كان قد صار لحمًا ودمًا؛ ثُمَّ أحرقه؛ ثُمَّ ذراه {فِي الْيَمِّ}؛ أي: في البحر.
          (ص) {قَاعًا} يَعْلُوهُ الْمَاءُ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا}[طه:106] وفسَّر (القاع) بأنَّه (يَعْلُوهُ الْمَاءُ) وهو كذلك؛ لأنَّ القاع ما يعلوه الماء، والصفصف: المستوي، وقال عبد الرَّزَّاق عن معمرٍ عن قتادة: القاع الصفصف: الأرض المستوية، وقال الفَرَّاء: القاع: ما انبسط من الأرض، ويكون فيه السراب نصف النهار، والصفصف: الأملس الذي لا نبات عليه.
          (ص) وَالصَّفْصَفُ: الْمُسْتَوِي مِنَ الأَرْضِ.
          (ش) قد مرَّ الكلام فيه، وفي التفسير: الصفصف: المستوي، كأنَّها مِن استوائها على صفةٍ واحدةٍ، وقيل: هي التي لا أثر للجبال فيها.
          (ص) وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أَوْزَارًا} أثقالًا.
          (ش) أي: قال مجاهدٌ في تفسير قوله تعالى: {وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ}[طه:87] أي: (أثقالًا)، وهو جمع (وِزر)، ويراد به: العقوبة الثقيلة، سمَّاها وزرًا تشبيهًا في ثِقْلها على المعاقَب وصعوبة احتمالها بالحمل الذي يقدح الحامل ويفضض ظهره، أو لأنَّها جزاء الوزر، وهو الإثم.
          (ص) {مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ} الْحُلِيُّ الَّذِي اسْتَعَارُوا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ}[طه:87] وفسَّر ({زِينَةِ الْقَوْمِ}) بقوله: (الْحُلِيُّ الَّذِي اسْتَعَارُوا) ؛ أي: استعار بنو إسرائيل مِنَ الحليِّ الذي هو مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، يعني: من قومه، وأسنده أبو مُحَمَّد الرازيُّ مِن حديث ابن أبي نَجيحٍ عن مجاهدٍ، وفي بعض النُّسَخ: <وقال مجاهدٌ: من زينة القوم... > إلى آخره.
          (ص) {فَقَذَفْنَاهَا} فَأَلْقَينَاهَا.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ}[طه:87] وفسَّر قوله: ({فَقَذَفْنَاهَا}) بقوله: (فَأَلْقَينَاهَا)، وقال الثعلبيُّ: أي: فجمعناها ودفعناها إلى السامريِّ، فألقاها في النار، لترجع أنت فترى فيه رأيك، وفي بعض النُّسَخ: <فقذفتها فألقيتها>.
          (ص) {أَلْقَى} صَنَعَ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ} وفسَّر ({أَلْقَى}) بقوله: (صَنَعَ)، وفي التفسير: {فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ} أي: ألقى ما معه معنا كما ألقينا.
          (ص) {فَنَسِيَ} مُوسَى، هُمْ يَقُولُونَهُ: أَخْطَأَ الرَّبَّ. {لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا} الْعِجْلُ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ. أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا}[طه:88-89].
          قوله: (هُمْ يَقُولُونَهُ) أي: السامريُّ ومَن تبعه يقولون: نسي موسى ربَّه؛ أي: أخطأ حيث لم يخبركم أنَّ هذا إلهه، وقيل: قالوا: نسي موسى الطريقَّ إلى ربِّه، وقيل: نسي موسى إلهه عندكم، وخالفه في طريقٍ آخر.
          قوله: ({لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا}) يعني: لا يكلِّمهم (العجل) ولا يجيبهم.
          (ص) {هَمْسًا} حِسُّ الأَقْدَامِ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا}[طه:108] وفسَّر ({هَمْسًا}) بقوله: (حِسُّ الأَقْدَامِ) وكذا فسَّره الثعلبيُّ؛ أي: وطء الأقدام ونقلها إلى المحشر، وكذا فسَّره قتادة وعِكرمة، وأصله: الصوت الخفيُّ، يقال: همس فلانٌ لحديثه إذا أسرَّه وأخفاه.
          (ص) {حَشَرْتَنِي أَعْمَى} أَيْ: عَنْ حُجَّتِي وَكُنْتُ بَصِيرًا فِي الدُّنْيَا.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا}[طه:125] وفسَّر بقوله: (أي: عَنْ حُجَّتِي...) إلى آخره، وفي التفسير: قوله: {أَعْمَى} قال ابن عَبَّاسٍ: أعمى البصر، وقال مجاهد: أعمى عن الحجَّة.
          (ص) وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: {أَمْثَلُهُمْ} أَفْضَلُهُمْ.
          (ش) أي: (قَالَ) سفيان (بنُ عُيَيْنَةَ) في معنى قوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً}[طه:104] أي: (أَفْضَلُهُمْ)، وفسَّره الطَّبَريُّ بقوله: أوفاهم عقلًا، رواه عن سعيد بن جُبَيرٍ.
          (ص) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاس: {هَضْمًا} لَا يُظْلَمُ فَيُهْضَمُ مِنْ حَسَنَاتِهِ.
          (ش) أي: (قَالَ) عبد الله (بنُ عَبَّاس) في معنى قوله تعالى: {فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا}[طه:112]: (لَا يُظْلَمُ فَيُهْضَمُ) أي: فيُنقَص (مِنْ حَسنَاتِهِ)، ورواه ابن أبي حاتمٍ مِن طريق عليِّ بن أبي طلحة عن ابن عَبَّاسٍ، وأصل (الهضم) النقص والكسر، يقال: هضمتُ / لك مِن حقِّك؛ أي: حططت، وهضم الطعام.
          (ص) {عِوَجًا} وَادِيًا.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا}[طه:107] وفسَّره بقوله: (وَادِيًا)، وعن ابن عَبَّاسٍ: العوج: الأودية، وعن مجاهدٍ: العوج: الانخفاض.
          (ص) {أَمْتًا} رَابِيَةً.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا}.
          وفسَّر (الأمت) بالرابية، وعن ابن عَبَّاسٍ: الأمت: الروابي، وعن مجاهدٍ: الارتفاع، وعن ابن زيدٍ: الأمت: التفاوت، وعن يمانٍ: الأمت: الشقوق في الأرض.
          (ص) {سِيرَتَهَا} حَالَتَهَا الأُولَى.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى}[طه:21] وفسَّره بقوله: (حَالَتَهَا الأُولَى) أي: هيئتها الأولى، وهي كما كانت عصًا، وذلك أنَّ موسى ◙ لمَّا أُمِر بإلقاء عصاه فألقاها فصارت حيَّة تسعى؛ قال الله تعالى: {خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى}.
          (ص) {النُّهَى} التُّقَى.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُولِي النُّهَى}[طه:54] وفسَّر ({النُّهَى}) بقوله: (التُّقَى)، وعن ابن عَبَّاسٍ: معناه: لذوي التُّقى، وعن الضَّحَّاك: هم الذين ينتهون عمَّا حرَّم الله عليهم، وعن قتادة: لذوي الورع، وقال الثعلبيُّ: لذوي العقول، واحدها: نُهية، سُمِّيت بذلك لأنَّها تنهى صاحبَها عن القبائح والفضائح وارتكاب المحظورات والمحرَّمات.
          (ص) {ضَنْكًا} الشَّقَاءُ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا} وفسَّر (الضنك) بالشقاء، ورواه ابن أبي حاتمٍ مِن طريق عليِّ بن أبي طلحة عن ابن عَبَّاسٍ، قال الثعلبيُّ: {ضَنْكًا} ضيقًا، يقال: منزلٌ ضنكٌ وعيشٌ ضنكٌ، يستوي فيه الذكر والأنثى، والواحد والاثنان والجمع، وعن أبي هُرَيْرَة عن النَّبِيِّ صلعم : «الضنك عذاب القبر»، وعن الحسن: الزقوم والغسلين والضريع، وعن عِكْرِمَة: الحرام، وعن الضَّحَّاك: الكسب الخبيث، ويقال: الضنك مُعرَّبٌ، وأصله: التنك، وهو في اللُّغة الفارسيَّة: الضِّيق.
          (ص) {هَوَى} شَقِيَ.
          (ش) أشار به إلى قوله: {وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى}[طه:18] وفسَّره بقوله: (شَقِيَ)، وقيل: هلك وتردَّى في النار.
          (ص) {الْمُقَدَّسِ} الْمُبَارَكِ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}[طه:21] وفسَّره بقوله: (الْمُبَارَكِ)، وقيل: {المقدَّس} المطهَّر.
          (ص) {طُوًى} اسْمُ الْوَادِي.
          (ش) أشار به إلى قوله: {الْمُقَدَّسِ طُوًى}، وفسَّره بـ(الوَادِي)، وعن الضَّحَّاك: وادٍ عميقٌ مستديرٌ مثل الطَّويِّ في استدارته، وقيل: هو اللَّيل، يقال: أتيتك طوًى مِنَ الليل، وقيل: طُويَت عليه البركةُ طَيًّا.
          (ص) {بِمِلْكِنَا} بِأَمْرِنَا.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمِلْكِنَا}[طه:87] وفسَّره بقوله: (بِأَمْرِنَا) هذا على كسر الميم، وعليها أكثر القرَّاء، ومَن قرأ بالفتح فهو المصدر الحقيقيُّ، ومَن قرأ بالضمِّ فمعناه: بقدرتنا وسلطاننا، وسقط هذا لأبي ذرٍّ.
          (ص) {مَكَانًا سِوًى} مَنْصَفٌ بَيْنَهُمْ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {لَّا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنتَ مَكَانًا سِوًى}[طه:58].
          قوله: (مَنْصَفٌ بَيْنَهُمْ) أي: مكانًا بينهم تستوي فيه مسافتُه على الفريقين، وقُرِئ بِضَمِّ السين، وهذا أيضًا سقط لأبي ذرٍّ.
          (ص) {يَبَسًا} يَابِسًا.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا}[طه:77] وفسَّره بقوله: (يَابِسًا) وفي التفسير: أي: يابسًا ليس فيه ماءٌ ولا طينٌ.
          (ص) {عَلَى قَدَرٍ} عَلَى مَوْعِدٍ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى}[طه:40] وفسَّره بقوله: (عَلَى مَوْعِدٍ) على القَدَر الذي قُدِّر لك أنَّك تجيء، وعن عبد الرَّحْمَن بن كَيْسان: على رأس أربعين سنة، وهو القدر الذي يوحى فيه إلى الأنبياء.
          (ص) {لَا تَنِيَا} لَا تَضْعُفَا.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي. اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغَى}[طه:42-43] وفسَّره بقوله: (لَا تَضْعُفَا) وهكذا فسَّره ابن عَبَّاس، وعن السُّدِّيَّ: لا تَفتُرا، وعن مُحَمَّد بن كعبٍ: لا تُقصِّرا، وفي قراءة ابن مسعود: {لا تَهِنَا}، وأصله مِن وَنَى يَنِي وَنْيًا، قال الجَوْهَريُّ: الوَنى: الضَّعف والفُتور والكَلال والإعياء.