عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

كتاب الطب
  
              

          ░░76▒▒ (ص) كتابُ الطِّبِّ.
          (ش) أي: هذا كتابٌ في بيان الطبِّ وأنواعه، و(الطبُّ) علمٌ يُعرَف به أحوالُ بدنِ الإنسان مِن جهةِ ما يصحُّ ويزولُ عنه الصحَّة؛ لتحفظَ الصِّحَّة حاصلَه، وتستردَّ زائلَه، والطبُّ على قسمين؛ أحدهما: العلم، والثاني: العمل، و(العلم) هو معرفة حقيقةِ الغرضِ المقصودِ، وهو موضوعٌ في الفكرِ الذي يكون به التدبيرُ، و(العملُ) هو خروجُ ذلك الموضوعِ في الفكر إلى المباشرة بالحسِّ، والعمل باليد.
          والعلم ينقسم إلى ثلاثة أقسامٍ؛ أحدها: العلم بالأمور الطبيعيَّة، الثاني: العلم بالأمور التي ليست بطبيعيَّةٍ، الثالث: العلم بالأمور الخارجة عن الأمر / الطبيعيِّ، و(المرض) هو خروج الجسم عن المجرى الطبيعيِّ، و(المداواةُ) ردُّه إليه، و(حفظ الصحَّة) بقاؤه عليه، وذكر ابن السِّيد في «مثلَّثه»: أنَّ «الطبَّ» مثلَّثُ الطاء اسم الفعل، وأَمَّا «الطَّبُّ» بفتح الطاء فالرجل العالِم بالأمور، وكذلك الطبيب، وامرأةٌ طَبَّةٌ، و«الطِّبُّ» بالكسر السِّحرُ، و«الطِّبُّ» الداء؛ مِنَ الأضداد، و«الطِّبُّ» الشهوة، هذه كلُّها مكسورةٌ، وفي «المنتهى» لأبي المَعالِي: و«الطبُّ» الحذقُ بالشيء والرفقُ، وكلُّ حاذقٍ عند العرب طبيبٌ، وإِنَّما خصُّوا به المعالجَ دون غيره مِنَ العلماء تخصيصًا وتشريفًا، وجمع القلَّة (أطِبَّةٌ)، والكثرة (أطِبَّاء)، والطبُّ طرائق تُرَى في شعاع الشمس إذا طلعت، وأَمَّا الطبُّ الذي كان سيُّدنا رسول الله صلعم يُشير إليه؛ ينقسم إلى ما عرفه مِن طريق الوحي، وإلى ما عرفه مِن عاداتِ العرب، وإلى ما يُراد به التبرُّكُ؛ كالاستِشفاء بالقرآن.