عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

سورة الفاتحة
  
              

          ░░░1▒▒▒ (ص) ♫
          {الرَّحْمَن الرَّحيم}[الفاتحة:3] اسْمَانِ مِنَ الرَّحْمَةِ، الرَّحِيمُ وَالرَّاحِمُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ كَالْعَلِيمِ وَالْعَالِمِ.
          (ش) قوله: (مِنَ الرَّحْمَةِ) أي: مشتقَّان من الرحمة؛ وهي في اللغة: الحُنوُّ والعطف، وفي حقِّ الله تعالى مجازٌ عن إنعامه على عباده، وعنِ ابن عَبَّاس: {الرَّحْمَن الرَّحيم} اسمان رقيقان، أحدُهما أرقُّ مِنَ الآخر، فـ«الرَّحْمَن» الرقيق، و«الرَّحيم» العاطف على خلقه بالرِّزق، وقيل: «الرَّحْمَن» لجميع الخلق، و«الرَّحيم» للمؤمنين، وقيل: رحمنُ الدنيا ورحيمُ الآخرة، وعن ابن المبارك: الرَّحْمَن: إذا سئل أعطى، والرَّحيمُ: إذا لم يسأل يغضب، وعن المبرِّد: «الرَّحْمَن» عبرانيٌّ، «والرحيم» عربيٌّ.
          قُلْت: في العبرانيِّ بالخاء المُعْجَمة.
          قوله: (الرَّحِيمُ وَالرَّاحِمُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ) فيه نظرٌ؛ لأنَّ (الرَّحيم) إن كان صيغة مبالغةٍ فيزيد معناه على معنى (الرَّاحم)، وإن كان صفةً مشبَّهةً فيدلُّ على الثبوت، بخلاف الرَّاحم فَإِنَّهُ يدلُّ على الحدوث، وأجيب بأنَّ ما قاله بالنظر إلى أصل المعنى دون الزيادة.