عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

{والعاديات}
  
              

          ░░░100▒▒▒ (ص) سُورَةُ {وَالْعَادِيَاتِ}
          (ش) أي: هذا في تفسير بعض شيءٍ مِن (سُورَة العاديات)، كذا لغير أبي ذرٍّ، فإنَّ عنده: <سورة العاديات والقارعة> وسورة العاديات مَكِّيَّةٌ، وهي مئةٌ وثلاثةٌ وستُّون حرفًا، وأربعون كلمةً، وإحدى عشرة آيةً، وعن ابن عَبَّاسٍ وعطاءٍ ومجاهدٍ والحسن وعِكرمة والكلبيِّ وأبي العالية وأبي الربيع وعطيَّة وقتادة ومقاتلٍ وابنِ كَيْسان: {العاديات} هي الخيل التي تعدو في سبيل الله.
          قوله: {ضَبْحًا} أي: يضبحن ضبحًا، وهو صوت أنفاسها إذا جهدت في الجري.
          (ص) وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْكَنُودُ: الْكَفُورُ.
          (ش) أي: قال مُجاهدٌ في قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ}[العاديات:6] أي: (كَفُورٌ) وكذا رُوي عن ابن عَبَّاسٍ ومجاهدٍ وقتادة والربيع: أي: لكفورٌ جَحُودٌ لنعم الله تعالى، قال الكلبيُّ: هي بلسان كندة وحضرموت وبلسان معدٍ كلِّهم: العاصي، وبلسان مضر وربيعة وقضاعة: الكفور، وبلسان بني مالكٍ: البخيل.
          (ص) يُقَالُ: {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} رَفَعْنَ بِهِ غُبَارًا.
          (ش) القائل بذلك أبو عبيدة، والمعنى: أنَّ الخيل التي أغارت صباحًا أثرن به غبارًا، والضمير في ({بِهِ}) لـ(الصبح) أي: أثرن وقت الصبح، وقيل: للمكان، دلَّت عليه الإشارة وإن لم يجرِ له ذكرٌ، وقيل: يرجع إلى العَدْوِ الذي يدلُّ عليه {العاديات}.
          (ص) {لِحُبِّ الْخَيْرِ} مِنْ أَجْلِ حُبِّ الْخَيْرِ. {لَشَدِيدٌ} لَبَخِيلٌ، وَيُقَالُ لِلْبَخِيلِ: شَدِيدٌ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} وفسَّره بقوله: (مِنْ أَجْلِ حُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) وهو قول أبي عبيدة، جعل اللَّام للتعليل، وقيل: للتعدية، بمعنى: إنَّهُ لقويٌّ مطيقٌ لحبِّ الخير، وهو المال، وعن ابن زيدٍ: سمَّى الله تعالى المال خيرًا، وعسى أن يكون خبيثًا أو حرامًا، ولكنَّ الناس يعدُّونه خيرًا، فسمَّاه الله خيرًا، وكان مقتضى الكلام: وإنَّه لشديدُ الحبِّ للخير، ولكن أُخِّر (الشديد) لرعاية الفواصل.
          (ص) {حُصِّلَ} مُيِّزَ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ}[العاديات:1] وفسَّره بقوله: (مُيِّزَ) وهو قول أبي عُبَيدة، وقيل: جُمِع، وقيل: أُخرِج، وقيل: أُظهِر.