عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

{لإيلاف قريش}
  
              

          ░░░106▒▒▒ (ص) سُورَةُ {لإِيلَافِ قُرَيْشٍ}.
          (ش) أي: هذا في تفسير بعض شيءٍ مِن / (سورة {لإِيلَافِ قُرَيْشٍ}) وتُسمَّى (سورة قريش)، وذكر أبو العَبَّاس أنَّها مَكِّيَّةٌ بلا خلافٍ، وذكر الضَّحَّاك وعطاء بن السائب أنَّها مدنيَّةٌ، وهي ثلاثةٌ وسبعون حرفًا، وسبع عشرة كلمةً، وأربع آياتٍ.
          واختُلِف في لام {لإيلاف} فقيل: هي متَّصلة بالسورة الأولى، وعن الكسائيِّ والأخفش: هي لام التعجُّب تقول: اعجَبْ لإيلاف قريشٍ رحلة الشتاء والصيف، وتركهم عبادة ربِّ هذا البيت، وقيل: هي لام (كي) مجازها: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ} ليؤلِّف قريشٍ، وعن الزجَّاج: هي مردودةٌ إلى ما بعدها؛ تقديرها: فليعبدوا ربَّ هذا البيت؛ لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف، و{قريش} هم ولد النضر بن كنانة، فمَن وَلَدَه النضرُ فهو قرشيٌّ، ومَن لم يَلْد النضرُ فليس بقرشيِّ.
          قوله: {إِيلَافِهِمْ} بدلٌ مِنَ الإيلاف الأَوَّل.
          (ص) وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لإِيلَافِ} أَلِفُوا ذَلِكَ، فَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، {وَآمَنَهُمْ} مِنْ كُلِّ عَدُوِّهِمْ فِي حَرَمِهِمْ.
          (ش) أي: قال مُجاهدٌ في قوله تعالى: ({لِإِيلَافِ}: أَلِفُوا) بكسر اللَّام؛ أي: آلفهم الله تعالى، فأَلِفوا ذلك؛ أي: الارتحال، ({وآمَنَهم}) الله تعالى (مِنْ كُلِّ عَدُوِّهِمْ فِي حَرَمِهِمْ)، وعن الضَّحَّاك والربيع وسفيان: وآمنهم مِنَ الجذام، فلا يصيبهم في بلدهم الجذام.
          (ص) وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: {لإِيلَافِ} لِنِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ.
          (ش) أي: قال سفيان بن عُيَيْنَةَ في قوله: {لِإيلَافِ} (لِنِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ) رواه عنه سعيد بن عبد الرَّحْمَن، و(الإيلاف) مصدرٌ مِن قولك: آلفت المكان أولفه إيلافًا، وأنا مؤلِفٌ، وقرأ الجمهور: {لإِيلَافِ} بإثبات الياء [إلَّا ابن عامرٍ فَإِنَّهُ حذفها، واتَّفقوا على إثباتها في قوله: {إِيلَافِهِمْ} إلَّا في روايةٍ عن ابن عامرٍ] فكالأَوَّل، وفي أخرى عن ابن كثيرٍ بحذف الألف التي بعد اللَّام أيضًا.