عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

{قل أوحي إلي}
  
              

          ░░░72▒▒▒ (ص) سُورَةُ {قُلْ أُوحِيَ}.
          (ش) أي: هذا في تفسير بعض (سورة {قُلْ أُوحِيَ}) وتُسمَّى (سورةَ الجنِّ)، وهي مَكِّيَّةٌ، وهي ثمانُ مئةٍ وسبعون حرفًا، ومئتان وخمسٌ وثمانون كلمةً، وثمانٍ وعشرون آيةً.
          (ص) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لِبَدًا} أَعْوَانًا أَعْوَانًا.
          (ش) أي: قال ابن عَبَّاسٍ في قوله تعالى: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ الله يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا}[الجن:19] ووصل هذا التعليقَ ابنُ أبي حاتمٍ مِن طريق عليِّ بن أبي طلحة عنه هكذا.
          قوله: ({لِبَدًا}) يعني: مجتمعين يركب بعضهم بعضًا، ويزدحمون، ويسقطون حرصًا منهم على استماع القرآن، وعن الحسن وقتادة وابن زيدٍ: يعني: لمَّا قام عبد الله بالدعوة تلبَّدت الإنس والجنُّ، وتظاهروا عليه ليبطلوا الحقَّ الذي جاءهم به، ويطفؤوا نور الله، فأبى الله إلَّا أن يتمَّ هذا الأمر وينصره على مَن عاداه ويظهره، وقال النَّسَفِيُّ في «تفسيره»: وأصل اللَّبد: الجماعات بعضها فوق بعضٍ، جمع «لبدة»، وهي ما تلبَّد بعضه على بعضٍ، ومنه سُمِّي اللبد لتراكمه، وعاصمٌ يقرؤها بفتح اللَّام ويضمِّ الذي في (سورة البلد)، وفسَّرها: {لبدًا} كثيرًا، [ولبَّد بعضها على بعضٍ، وقُرئ بِضَمِّ اللَّام والباء، وهو جمع (لَبود)، وقرئ: {لُبَّدًا}] جمع (لابد) كراكعٍ ورُكَّعٍ، فهذه أربع قراءاتٍ.
          قوله: (أَعْوَانًا) جمع (عونٍ)، وهو الظهير على الأمر، وهو مكرَّرٌ في بعض النُّسَخ؛ أعني: ذُكِر مَرَّتينِ.
          (ص) {بَخْسًا} نَقْصا.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا}[الجن:13] وفسَّر (البَخْسَ) بالنَّقْص، و(الرَّهَق) في كلام العرب: الإثم وغشيان المحارم، وهذا لم يثبت إلَّا للنَّسَفِيِّ وحده.