عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

الشعراء
  
              

          ░░░26▒▒▒ (ص) سُورَةُ الشُّعَرَاءِ
          (ش) أي: هذا تفسير بعض (سورة الشعراء).
          مَكِّيَّةٌ كلُّها إلَّا آيةً واحدةً: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا}[الشعراء:227] نزلت في حسَّان وعبد الله بن رواحة وكعب بن مالكٍ شعراء الأنصار، وقال مقاتلٌ: فيها مِنَ المَدَنِيِّ آيتان: {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ}[الشعراء:224] وقوله: {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ}[الشعراء:197] وعند السخاويِّ: نزلت بعد (سورة الواقعة) وقبل (سورة النمل).
          وهي مئتان وسبعٌ وعشرون آية، وألفٌ ومئتان وسبع وتسعون كلمةً، وخمسة آلاف وخمس مئة واثنتان وأربعون حرفًا.
          (ص) ♫
          (ش) ثبتت لأبي ذرٍّ.
          (ص) وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَعْبَثُونَ} تَبْنُونَ.
          (ش) أي: قال مجاهدٌ في قوله تعالى: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ}؟[الشعراء:128] وفسَّر ({تَعْبَثُونَ}) بقوله: (تَبْنُونَ) ووصله الفِرْيَابيُّ عن ورقاء عن ابن أبي نَجيحٍ عنه في قوله: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ}؟ قال: بكلِّ فجِّ {آيَةً تَعْبَثُونَ} قال: بُنْيَانًا، وعن ابن عَبَّاسٍ: {بِكُلِّ رِيعٍ} بكلِّ شرفٍ، وعن قتادة والضَّحَّاك ومقاتل والكلبيِّ: طريق، وهي روايةٌ عن ابن عَبَّاسٍ، وعن عِكْرِمَة: وادٍ، وعن مقاتلٍ: كانوا يسافرون ولا يهتدون إلَّا بالنجوم، فبَنَوا على الطُّرُق أمثالًا طوالًا عَبَثًا؛ ليهتدوا بها، وكانوا في غنيةٍ] منها، وقال الكَرْمَانِيُّ: كانوا يبنون بُروجًا للحَمَامات يَعبَثون بها.
          و(الرِّيع) المرتفع مِنَ الأرض، والجمع: (رِيَعة) بكسر الراء وفتح الياء، وأَمَّا (الأرياع) فمفرده (رِيْعة) بالكسر والسكون.
          (ص) {هَضِيمٌ} يَتَفَتَّتُ إِذَا مُسَّ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ.وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ}[الشعراء:147-148] وفسَّر (هضيمًا) بقوله: (يَتَفَتَّتُ إِذَا مُسَّ) على صيغة المجهول، وهذا قول مجاهدٍ أيضًا، وقيل: هو المُنظَّم في وعائه قبل أن يظهر.
          (ص) مُسَحَّرِينَ: الْمَسْحُورِينَ.
          (ش) أشار به إلى قوله: {قَالُوا إِنَّما أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ}[الشعراء:153] وفسَّره بقوله: (الْمَسْحُورِينَ) أي: مَن سُحِرَ مَرَّةً بعد مَرَّةٍ، مِنَ المخلوقين المعلَّلين بالطعام والشراب، وقال الفَرَّاء: أي: إنَّك تأكل الطعام وتشرب الشراب وتُسحَّر به، والمعنى: لست بمَلَكٍ، إِنَّما أنت بشرٌ مثلنا لا تفضلنا في شيء، وقال أبو عُبَيْدةَ: كلُّ مِن أكل فهو مُسحَّر، وذلك أنَّ له سَحَرًا؛ بفتح السين وسكون الحاء؛ أي: رئةً، وقيل: مِن السِّحر؛ بالكسر.
          (ص) وَاللَّيْكَةُ وَ{الأَيْكَةُ} جَمْعُ (أَيْكَةٍ)، وَهْيَ جَمْعُ شَجَرٍ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ}[الشعراء:176] / و(اللَّيْكَة) بفتح اللام و({الْأَيْكَةِ}) بفتح الهمزة، قال الجَوْهَريُّ: مَن قرأ: {أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ} فهي الغيضة، ومَن قرأ: {لَيْكة} فهي القرية، وقال: الأيك: الشجر الكثير الملتفُّ، الواحدة: أيكة.
          قُلْت: قرأ ابن كثيرٍ ونافعٌ وابن عامرِ: {أصحاب لَيْكَة} هنا وفي (ص) بغير همزة، والباقون بالهمزة فيهما.
          قوله: (جَمْعُ أَيْكَةٍ) كذا في النُّسَخ، وهو غير صحيحٍ، والصواب أن يقال: واللَّيكة والأيكة؛ مفرد (أَيْكٌ)، أو يقال: جمعها (أَيْكٌ)، والعجب مِن بعض الشرَّاح حيث لم يذكر هنا شيئًا بل قال: الكلام الأَوَّل مِن قول مجاهد، ومِن: «جمع أيكة...» إلى آخره مِن كلام أبي عُبَيْدةَ، وحاشى مِن مجاهدٍ ومِن أبي عُبَيْدةَ أن يقولا: الأيكة: جمع (أيكة).
          قوله: (وَهْيَ جَمْعُ شَجَرٍ) كذا للأكثرين، وعند أبي ذرٍّ: <وهي جمع الشجر>، وفي بعض النُّسَخ: <وهي جماعة الشجر>، وعلى كلِّ التقدير: هذا في نفس الأمر تفسير (غيضة) التي يُفسَّر بها (الأيكة) ؛ لأنَّ الغيضة هي جماعة الشجر، وإذا لم يفسَّر (الأيكة) بالغيضة، لا يستقيم هذا الكلام؛ فافهم فَإِنَّهُ موضعُ التَّأمُّل.
          (ص) {يَوْمِ الظُّلَّةِ} إِظْلَالُ الْعَذَابِ إِيَّاهُمْ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} وفسَّر ({يَوْمِ الظُّلَّةِ}) بقوله: (إِظْلَالُ الْعَذَابِ إِيَّاهُمْ)، وفي التفسير: معنى {الظُّلَّةِ} هنا: السحاب التي أظلَّتهم.
          (ص) {مَوْزُونٍ} مَعْلُومٍ.
          (ش) هذا غير واقعٍ في محلِّه فَإِنَّهُ في (سورة الحجر) وكأنَّه مِن جهل الناسخ لعدم تمييزه، وهو قوله تعالى: {وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ}[الحجر:19].
          (ص) {كَالطَّوْدِ} كَالْجَبَلِ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ}[الشعراء:63] وفسَّر (الطَّوْدِ) بالْجَبَل، ووقع هذا لأبي ذرٍّ منسوبًا إلى ابن عَبَّاسٍ، ولغيره منسوبًا إلى مجاهدٍ، وفي بعض النُّسَخ: <{كَالطَّوْدِ} الجبل>.
          (ص) الشِّرْذِمَةُ: طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ}[الشعراء:54] وفسَّر (الشِّرْذِمَة) بـ(طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ)، وقال الثعلبيُّ: أرسل فرعونُ في إثر موسى لمَّا خرج مع بني إسرائيل ألفَ ألف وخمسَ مئة ألف مَلِكٍ، مع كلِّ مَلِكٍ ألف فارسٍ، وخرج فرعون في الكرسي العظيم، وكان فيه ألفا ألف فارسٍ.
          فَإِنْ قُلْتَ: روي عن ابن عَبَّاسٍ ☻: أتبعه فرعون في ألفي حصانٍ سوى الإناث، وكان موسى ◙ في ستِّ مئة ألفٍ من بني إسرائيل، فقال فرعون: إنَّ هؤلاء لشرذمةٌ قليلون، فكيف التوفيق بين الكلامين؟
          قُلْت: يحتمل أن يكون مراد ابنِ عَبَّاسٍ خواصُّ فرعون الذين يلازمونه ليلًا ونهارًا، ولم يذكر غيرهم، على أنَّ الذي ذكره الثعلبيُّ لا يخلو عن نظرٍ، وقد روي عن عبد الله قال: كانوا ستَّ مئة ألفٍ وسبعين ألفًا.
          (ص) {فِي السَّاجِدِينَ} الْمُصَلِّينَ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ. وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ}[الشعراء:218-219] وفسَّر ({السَّاجِدِينَ}) بـ(المُصَلِّين)، وكذا فسَّره الكلبيُّ، وقال: الذي يرى تصرُّفك مع المصلِّين في أركان الصلاة في الجماعة قائمًا وقاعدًا وراكعًا وساجدًا، قال الثعلبيُّ: هو روايةٌ عن ابن عَبَّاسٍ.
          (ص) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} كَأَنَّكُمْ.
          (ش) أي: قال ابن عَبَّاسٍ في قوله تعالى: {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ}[الشعراء:129]: إنَّ معنى {لَعَلَّكُمْ} (كَأَنَّكُمْ)، وقرأ أُبَيُّ بْنُ كعبٍ: {كأنَّكُم تَخْلُدُون} وقرأ ابن مسعودٍ: {لَعَلَّكُمْ تُخْلَدُوا}، وعن الواحديِّ: كلُّ ما في القرآن «لعلَّ» فهو للتعليل إلَّا هذا الحرف فَإِنَّهُ للتشبيه، قيل: في الحصر نظرٌ؛ لأنَّه قد قيل مثلُ ذلك في قوله: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ}[الشعراء:3].
          (ص) الرِّيعُ: الأَيْفَاعُ مِنَ الأَرْضِ، وَجَمْعُهُ: رِيَعَةٌ وَأَرْيَاعٌ، وَاحِدُ الرِّيْعَةِ.
          (ش) أشار به إلى قوله ╡ : {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ}[الشعراء:128] وقال: (الرِّيعُ: الأَيْفَاعُ مِنَ الأَرْضِ) (الأَيْفَاعُ) بفتح الهمزة، جمع (يافعٍ)، وهو المكان المرتفع مَنَ الأرض، ومنه يقال: غلامٌ يافعٌ، مِن أيْفَعَ الغلامُ؛ أي: ارتفع، والصواب: اليَفَاع مِنَ الأرض، بفتح الياء والفاء، وهو المرتفع منها، وقد فسَّر (الرِّيع) بكسر الراء بقوله: (الأَيْفَاع) أو اليَفاع (مِنَ الأرض)، وقال الجَوْهَريُّ: يقال: غلامٌ يافعٌ ويَفَعٌ ويَفَعَةٌ، وغِلْمانٌ أَيْفَاعٌ ويَفَعَةٌ أيضًا، وقال: والرِّيع _بالكسر_: المرتفع مِنَ الأرض، وقال عُمارة: هو الجبل، والرِّيع أيضًا: الطريق.
          قُلْت: وكذا / قال المفسِّرون، وقيل: الفجُّ بين الجبلين، وعن مجاهدٍ: الثنيَّة الصغيرة، وعن عِكْرِمَة: وادٍ، وعن ابن عَبَّاس: {بِكُلِّ رِيعٍ} يعني: بكلِّ شَرَفٍ، والرَّيع؛ بالفتح: النَّماء، ومنه: رَيع الأملاك.
          قوله: (وَجَمْعُهُ) أي: وجمع (الرِّيع) : (رِيَعَةٌ) بكسر الراء وفتح الياء؛ كـ(قِردٍ وقِرَدةٍ).
          قوله: (وَأَرْيَاعٌ، وَاحِدُ الرِّيْعَةِ) بكسر الراء وسكون الياء، وعند جماعةٍ مِنَ المفسِّرين: رِيعٌ واحدٌ، وجمعه: أرياعٌ ورِيَعة؛ بالتحريك، ورِيعٌ: جمعٌ أيضًا، واحده: رِيْعَة؛ بالسكون؛ كـ(عِهْنٍ وعِهْنَة).
          (ص) {مَصَانِعَ} كُلُّ بِنَاءٍ فَهْوَ مَصْنَعَةٌ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ}[الشعراء:129] وقال: (كُلُّ بِنَاءٍ فَهْوَ مَصْنَعَةٌ) وكذا قال أبو عُبَيْدةَ، و(مَصْنَعَةٌ) مفرد (مصانع)، وقال عبد الرَّزَّاق عن معمرٍ عن قتادة: المصانع: القصور والحصون، وقال عبد الرَّزَّاق: «المصانع» عندنا بلغة اليمن: القصور العادية، وقيل: المصانع: بروج الحمام.
          (ص) {فَرِهِينَ} مَرِحِينَ، {فَارِهِينَ} بِمَعْنَاهُ، وَيُقَالُ: {فَارِهِينَ} حَاذِقِينَ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَرِهِينَ}[الشعراء:149] وفسَّره بقوله: (مَرِحِينَ) وكذا فسَّره أبو عُبَيْدةَ، و(مَرِحِينَ) جمع (مَرِحٍ)، صفةٌ مشبَّهةٌ مِنَ مَرِح _بالكسر_ مَرَحًا، والمَرَح: شدَّة الفرح والنشاط، وعن ابن عَبَّاسٍ: أَشِرين، وعن الضَّحَّاك: كيِّسين، وعن قتادة: مُعْجَبين بصنيعهم، وعن مجاهدٍ: شرهين، وعن عِكْرِمَة: ناعمين، وعن السُّدِّيَّ: متحيِّرين، وعن ابن زيدٍ: أقوياء، وعن الكسائيِّ: بطرين، وعن الأخفش: فرحين، وكذا هو في رواية أبي ذرٍّ، وقال بعضهم: وصوَّبه بعضهم؛ لقرب مخرج الهاء مِنَ الحاء وليس بشيءٍ.
          قُلْت: أراد بالمصوِّب صاحب «التوضيح»، وردُّه عليه ليس بشيءٍ؛ لأنَّ الهاء والحاء مِن حروف الحلق، والعرب تعاقب بين الحاء والهاء؛ مثل: مدحتُه ومدهتُه.
          قوله: ({فَارِهِينَ} بِمَعْنَاهُ) أي: بمعنى {فَرِهِين} مِن قولهم: فَرِهَ الرَّجل، فهو فارهٌ.
          قوله: (وَيُقَالُ: {فَارِهِينَ} حَاذِقِينَ) وكذا روي عن عبد الله بن شَدَّاد، وقال الثعلبيُّ: وقُرئَ {فَرِهِين} بالألف: {فَارِهِين} أي: حاذِقين بنحتِها، وقيل: متحيِّرين لمواضع نحتِها.
          (ص) {تَعْثَوْا} أَشَدُّ الْفَسَادِ.
          (ش) أشار به إلى قوله تعالى: {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}[الشعراء:183] وتفسيره بـ(أَشَدُّ الْفَسَادِ)، تفسير مصدر ({تَعْثَوْا}) لأنَّه مِن عثا في الأرض يعثو: أفسد، وكذلك عثِي _بالكسر_ يعثِي، فمصدر الأَوَّل: عَثْوٌ، ومصدر الثاني: عَثْيٌ، فافهم.
          (ص) وَعَاثَ يَعِيثُ عَيْثًا.
          (ش) أراد بهذا أنَّ معنى: (عَاثَ) مثل معنى: (عثى) : أفسد، وليس مراده أنَّ {تَعْثَوْا} مشتقٌّ مِن (عاث) ؛ لأنَّ: {تَعْثَوْا} معتلُّ اللَّام ناقصٌ، و(عاث) معتلُّ العين أجوفُ، ومَن له أدنى مُسْكةٍ مِنَ التصريف يَفهم هذا.
          (ص) الْجِبِلَّةُ: الْخَلْقُ، جُبِلَ: خُلِقَ، وَمِنْهُ: {جُبُلًا} وَ{جُبْلًا} وَ{جُبُلًّا}[يس:62] يَعْنِي: الْخَلْقَ، قالَهُ ابنُ عَبَّاسٍ.
          (ش) أشار بهذا إلى قوله: {وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ}[الشعراء:184] وفسَّرها بالْخَلْقُ.
          قوله: (جُبِلَ) على صيغة المجهول؛ أي: (خُلِقَ) مجهولٌ أيضًا.
          قوله: (وَمِنْهُ) أي: ومِن هذا الباب {جبلًا} في قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جُبُلًّا كَثِيرًا}[يس:62] وفيه قراءاتٌ شتَّى ذكر البُخَاريُّ هنا ثلاثة؛ الأولى: {جُبُلًا} بضمَّتين، الثانية: {جُبْلًا} بِضَمِّ الجيم وسكون الباء، الثالثة: {جُبُلًّا} بِضَمِّ الجيم والباء وتشديد اللَّام، والحاصل: أنَّ قراءة نافع وعاصم بكسرتين وتشديد اللَّام، وقراءةَ أبي عَمْرو وابن عامر [بِضَمِّ الجيم وسكون الباء]، وقرأ الأَعْمَش بكسرتين وتخفيف اللَّام، وقرأ الباقون بضمَّتين واللَّام خفيفة، وقُرِئ في الشواذِّ بضمَّتين وبالتشديد، وبكسرةٍ وسكونٍ، وبكسرةٍ وفتحةٍ وبالتخفيف.
          قوله: (قَالَهُ ابنُ عَبَّاسٍ) وقع في رواية أبي ذرٍّ، ولم يقع عند غيره، وقال بعضهم: هذا أولى، فإنَّ هذا كلَّه كلامُ أبي عُبَيْدةَ، انتهى.
          قُلْت: ليت شِعري! مِن أين الأولويَّة؟! وكونُه كلامَ أبي عُبَيْدةَ لا يستلزم نفيَ كونه مِن كلام ابن عَبَّاسٍ أيضًا.