عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

كتاب مواقيت الصلاة
  
              

          ░░9▒▒ (ص) كِتَابُ مَوَاقِيتِ الصَّلاةِ.
          (ش) أي: هذا كتابٌ في بيانِ أحكامِ مَوَاقيتِ الصَّلاة.
          ولمَّا فرَغ عن بيانِ الطَّهارة بأنواعِها التي هي شرطُ الصلاة؛ شَرَع في بيانِ الصلاةِ بأنواعها التي هي المَشْروطةُ، والشرطُ مُقدَّمٌ على المشروط، وقدَّمها على الزَّكاة والصَّوم وغيرِهما؛ لِما أنَّها تاليةُ الإيمان وثانيتُه في الكتاب والسُّنَّةِ، ولِشدَّة الاحتياج وعمومِه إلى تعلُّمها؛ لكثرة وقوعِها ودوَرانِها، بخلاف غيرِها مِنَ العبادات.
          وهي في اللُّغة: مِن تحريك الصَّلَوينِ؛ وهما العَظْمانِ الناتِئانِ عندَ العَجيزة، وقيل: مِنَ الدعاء، فإن كانت مِنَ الأَوَّل؛ تكون مِنَ الأسماء المُغيَّرةِ شَرْعًا، المُقرَّرةِ لُغةً، وإن كانت مِنَ الثَّاني؛ تكون مِنَ الأسماء المنقولة، وفي الشَّرعِ: عبارةٌ عَنِ الأركان المعلومة والأفعال المخصوصة.
          و(المَوَاقِيتُ) جمع (مِيقَاتٍ) على وزنِ (مِفْعَالٍ)، وأصلُه: (مِوْقَاتٌ)، قُلِبتِ الواوُ ياءً؛ لسكونِها وانكسارِ ما قبلَها، مِن وقَتَ الشيءَ يقِتُه؛ إذا بيَّن حَدَّه، وكذا: وقَّتَه يُوَقِّتُهُ، ثُمَّ اتُّسِعَ فيه، فأُطلِقَ على المكانِ في الحجِّ، و(التَّوقيتُ) أن يُجعَلَ للشيء وقتٌ يختصُّ به، وهو بيانُ مِقدار المدَّةِ، وكذلك (التَّأْقيتُ)، وقال السَّفاقسيُّ: «الميقاتُ» هو الوقتُ المضروبُ للفعل والموضِع، وفي «المنتهى»: كلُّ ما جُعِلَ له حينٌ وغايةٌ؛ فهو موقَّتٌ، و«وقَّته لِيوم كذا»: أي أجَّله، وفي «المحكَم»: وقتٌ موقوتٌ ومُوَقَّتٌ: محدودٌ، وفي «نوادر الهَجَريِّ»: قال القِرْديُّ: اِتَّقِتوا موقتًا آتيكُم فيه.
          ثُمَّ قوله: (كِتَابُ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ) هكذا في رواية المُسْتَمْلِي، وبعده البسملةُ، / ولرفيقَيهِ: البسملةُ مُقدَّمةٌ، وبَعدَها: <باب مواقيت الصلاةِ وفضلها>، وكذا في رواية كريمةَ، لكن بلا بَسْملةَ، وكذا في رواية الأَصيليِّ، لكن بلا (باب).