عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

{إذا السماء انفطرت}
  
              

          ░░░82▒▒▒ (ص) سُورَةُ {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ}.
          (ش) أي: هذا في تفسير بعض (سورة {إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ}) ويقال لها أيضًا: (سورة الانفطار)، وهي مَكِّيَّةٌ، وهي ثلاثُ مئةٍ وسبعةٌ وعشرون حرفًا، وثمانون كلمةَ، وتسع عشرة آيةً.
          (ص) ♫
          (ش) البسملة موجودةٌ هنا عند الكلِّ.
          (ص) انْفِطَارُها: انْشِقَاقُها.
          (ش) ثبت هذا للنَّسَفِيِّ وحده، والانفطار: مِنَ الفَطْر _بالفتح_ وهو الشقُّ.
          (ص) وَيُذْكَرُ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ: {بُعْثِرَتْ} يَخْرُجُ مَنْ فِيهَا مِنَ الأَمْوَاتِ.
          (ش) أي: يُذكَر عن ابن عَبَّاسٍ في قوله ╡ : {وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ}[الانفطار:4] وتفسيره ظاهرٌ، وبه قال الفَرَّاء أيضًا، وهذا أيضًا ثبت للنَّسَفِيِّ وحده.
          (ص) وَقَالَ غَيْرُهُ: {بُعْثِرَتْ}: أُثِيرَتْ، بَعْثَرْتُ حَوْضِي؛ أيْ: جَعَلْتُ أسْفَلَهُ أعْلاهُ.
          (ش) أي: قال غير ابن عَبَّاسٍ في قوله تعالى: {بُعْثِرَتْ} أنَّ معناه: أُثيرَت وبُحِثَت فاستُخْرِج ما في الأرض مِنَ الكنوز ومَن فيها مِنَ الموتى، وهذا مِن أشراط الساعة؛ أن تُخرِج الأرض أفلاذ كبدها مِن ذهبها وفضَّتها وموتاها.
          قوله: (بَعْثَرْتُ حَوْضِي) أشار به إلى أنَّهُ يقال: بعثرتُ حوضي وبَحْثَرتُه؛ إذا هدمتَه، فجعلتَ أسفله أعلاه، وهذا أيضًا للنَّسَفِيِّ وحده، وقد مرَّ في أواخر (كتاب الجنائز).
          (ص) وَقَالَ الرَّبِيعُ بنُ خُثَيْمٍ: {فُجِّرَتْ} فَاضَتْ.
          (ش) أي: قال الربيع بن خُثَيمٍ في قوله تعالى: {وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ}[الانفطار:3] أي: (فَاضَتْ) و(الرَّبِيعُ) بفتح الراء (بنُ خُثَيْمٍ) بِضَمِّ الخاء المُعْجَمة وفتح الثاء المُثَلَّثة، التَّابِعِيُّ الثَّوْريُّ الكوفيُّ.
          قوله: (فَاضَتْ) مِنَ الفيض، معناه: فُتِح بعضها إلى بعض، عذبها إلى مَلِحها، ومَلِحها إلى عذبها، فصارت بحرًا واحدًا، وهذا التعليق رواه عبد بن حُمَيدٍ قال: حَدَّثَنَا مؤمَّلٌ وأَبُو نُعَيْمٍ قالا: حدَّثنا سفيان _وهو ابن سعيدٍ الثَّوْريُّ_ عن أبيه عن أبي يَعْلَى _هو منذرٌ الثَّوْريُّ_ عن الربيع بن خُثَيم به.
          (ص) وَقَرَأَ الأَعْمَشُ وَعَاصِمٌ: {فَعَدَلَكَ} بِالتَّخْفِيفِ، وَقِرَاءَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ بِالتَّشْدِيدِ، وَأَرَادَ: مُعْتَدِلَ الْخَلْقِ، وَمَنْ خَفَّفَ؛ يَعْنِي: فِي أَيِّ صُورَةٍ شَاءَ، إمَّا حَسَنٌ وإمَّا قَبِيحٌ، أَوْ طَوِيلٌ أَوْ قَصِيرٌ.
          (ش) أي: قرأ سليمان الأَعْمَش وعاصم بن أبي النُّجُود _بضمِّ النون وضمِّ الجيم_ الأسديُّ أحدُ القرَّاء السبعة قولَه تعالى: {فَعَدَلَكَ. فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ}[الانفطار:7-8] (بِالتَّخْفِيف) أي: بتخفيف الدال، وبه قرأ أيضًا الحسن وحمزة والكسائيُّ وأبو حنيفة وأبو رجاءٍ وعيسى بن عُمَر وعمرو ابن عبيدٍ والكوفيُّون، وقرأ أهل الحجاز بتشديد الدال.
          قوله: (وَمَنْ خَفَّفَ) يحتمل أن يكون عطفًا على فاعل (أراد) أي: ومَن خفَّف أراد أيضًا: معتدل الخلق، ولفظ: (فِي أَيِّ صُورَةٍ) لا يكون متعلِّقًا به، بل هو كلامٌ مستأنَفٌ تفسيرٌ لقوله تعالى: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ} والباقي ظاهرٌ.