عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

كتاب مناقب الأنصار
  
              

          ░░63▒▒ كتاب مناقب الأنصار
          ░1▒ (ص) بَابُ مَنَاقِبِ الأَنْصَارِ.
          (ش) أي: هذا بَابٌ في مناقبِ الأنصارِ، و(الأَنْصَارُ) جمع (نَصِيْر) مثل: (شَريفٍ وأشرافٍ)، و(النَّصِيرُ) النَّاصرُ، وجمع (النَّاصر) نَصْرٌ؛ مثل: (صَاحِبٍ وصَحْبٍ)، و(الأنصار) اسمٌ إسلاميٌّ سمَّى به النَّبِيُّ صلعم الأوسَ والخزرجَ وحلفاءَهم، و(الأَوسُ) ينتسِبون إلى أوسِ بنِ حارثةَ، و(الخزرجُ) ينتسِبون إلى الخزرجِ بنِ حارثةَ، وهما ابنا قيلةَ بنتِ الأرقمِ بنِ عَمْرو بن جفنةَ، وقيل: قيلةُ بنت كاهل بن عُذْرةَ بن سعدِ بن قضاعةَ، وأبوهما حارثةُ بن ثعلبةَ مِنَ اليمن.
          (ص) وقَوْلِ اللهِ ╡ : {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا}[الحشر:9].
          (ش) (وَقَوْلِ اللهِ ╡ ) بالجرِّ عطفًا على قوله: (مَنَاقِبِ الأَنصَارِ) ؛ لأنَّه مجرورٌ بإضافة البابِ إليه، وفي النُّسَخ التي لم يذكر فيها لفظ (الباب) يكون مرفوعًا؛ لأنَّه يكون عطفًا على لفظ (المناقبِ) أيضًا؛ لأنَّه حينئذٍ يكون مرفوعًا على أنَّهُ خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ؛ تقديره: هذا مناقب الأنصار؛ يعني: هذا الذي نذكره مناقبُ الأنصارِ.
          قوله: ({وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا}) أي: اتَّخذوا ولزِموا، و(التبوُّء) في الأصل: التمكُّن والاستقرار، والمراد بـ({الدَّار}) : دار الهجرة نزلها الأنصارُ قبلَ المهاجرين، وابتنَوا المساجدَ قبل قُدومِ النَّبِيِّ صلعم بسنتين، فأحسن اللهُ عليهم الثناءَ.
          قوله: ({وَالْإِيمَانَ}) فيه إضمار أي: وآثروا الإيمانَ، وهذا مِن قبيلِ قولِ الشَّاعرِ:
علفتُها تِبنًا وماءً باردًا
          وزعم مُحَمَّد بنُ الحسنِ بن زبالة أنَّ الإيمانَ اسمٌ مِن أسماء المدينة، واحتجَّ بالآية، ولا حجَّةَ له فيها؛ لأنَّ الإيمانَ ليسَ بمكانٍ.
          قوله: ({مِنْ قَبْلِهِمْ}) أي: مِن قبلِ المهاجرين.
          قوله: ({يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}) أي: مِنَ المسلمين حَتَّى بلغَ مِن محبَّتِهم لهم أن نزلوا لهم عَن نسائِهِم، وشاطروهم أموالَهم ومساكنَهم.
          قوله: ({حَاجَةً}) أي: حَسَدًا وغيظًا مِمَّا أوتيَ المهاجرون، وقد مرَّ شيء مِن ذلك في أوائل (مناقب عثمان ☺ ).