عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

كتاب الشفعة
  
              

          ░░36▒▒ (ص) كِتَابُ الشُّفْعَةِ.
          (ش) أي: هذا كتابٌ في بيان أحكام الشُّفْعة، وهي بِضَمِّ الشين المُعْجَمة وسكون الفاء، وغَلِط مَن حرَّكها، قاله بعضهم، وقال صاحب «تثقيف اللِّسان»: والفقهاء يضمُّون الفاء، والصواب الإسكان.
          قُلْت: فعلى هذا لا ينبغي أن يُنسَب الفقهاءُ إلى الغلط صريحًا؛ لرعاية الأدب، وكان ينبغي أن يقال: والصواب الإسكان، كما قاله صاحب «تثقيف اللِّسان».
          واختُلِفَ في اشتقاقها في اللُّغة على أقوالٍ؛ إمَّا مِنَ الضَّمِّ، أو الزيادة، أو التقوية والإعانة، أو مِنَ الشَّفاعة، وكلُّ ذلك يُوجد في حقِّ الشفيع، وقال ابن حزمٍ: وهي لفظةٌ شرعيَّةٌ لم يعرف العربُ معناها قبل رسول الله صلعم ، كما لم يعرفوا معنى «الصلاة» و«الزكاة» ونحوهما حَتَّى بيَّنها الشارع، ويقال: شَفعتُ كذا بكذا؛ إذا جعلته شفعًا، وكأنَّ الشفيعَ يجعل نصيبَه شفعًا بنصيب صاحبه بأن ضمَّه إليه، قال الكَرْمَانِيُّ: الشفعة في الاصطلاح: تملُّكٌ قهريٌّ في العقار بعِوَضٍ يَثبُت على الشريك القديم للحادث، وقيل: هو تملُّك العقار على مُشتَريه جبرًا بمثل ثمنه، وقال أصحابنا: الشفعة: تملُّك البقعة جبرًا على المشتري بما قام عليه، وقيل: هي ضمُّ بقعةٍ مشتراةٍ إلى عَقَّارِ الشفيع بسبب الشركة أو الجوار، وهذا أحسنُ، ولم يختلف العلماء في مشروعيَّتها إلَّا ما نُقِل عن أبي بكرٍ الأصمِّ مِن إنكارها.